أمّا أوّلاً : فبالنقض بالقبول الّذي هو أيضاً رضى بمضمون الإيجاب ، فوجب أن يكون مضمونه نقل العوضين من حينه لا من حين القبول بل بعد الفراغ منه ، ولا نظنّ قائلاً بذلك.
وأمّا ثانياً : فبالحلّ بأنّ مضمون العقد وإن كان نقل العوضين المقصود إنشاؤه حين العقد ، ولكنّه بمجرّده لا يستلزم الانتقال الّذي هو أثر العقد ، بل يتوقّف استلزامه الانتقال على الرضا المفروض تأخّره عن زمن العقد المقصود به النقل المذكور ، وقضيّة تأخّر الشرط تأخّر الانتقال الّذي هو عبارة عن تأخّر ترتّب الأثر ، ومعناه تأخّر الملك وحصوله حين الإجازة المفروض كونها رضى بمضمون العقد.
وأمّا ما يقال : من أنّ العقد سبب للملك فلا يتقدّم عليه ، فممّا لم نتحقّق معناه ، فإن اريد به أنّ العقد مع الملك المسبّب منه من قبيل السبب والمسبّب اللذين يتّحدان ذاتاً ويتغايران بحسب العبارة ـ نظير الإتيان بالصلاة إلى الجهات الأربع عند اشتباه القبلة وتحصيل العلم بأداء المأمور به الواقعي ـ وقضيّة اتّحادهما ذاتاً عدم تقدّم السبب على المسبّب ، ففيه منع واضح ضرورة تغايرها ذاتاً على معنى تغاير وجوديهما وعدم كونهما نظير ما ذكر ، ولذا لا يصحّ الحمل بينهما فلا يقال : العقد ملك ولا الملك عقد ، بخلاف ما ذكر فيصحّ الحمل فيه.
وإن اريد أنّهما مع تغايرهما ذاتاً لا يتقدّم فيهما السبب على المسبّب ، فهو أوضح منعاً ، ضرورة أنّ قضيّة تغاير وجودي السبب والمسبّب مع ترتّب وجود المسبّب على وجود السبب تأخّر وجوده عن وجود السبب ، غاية الأمر أنّه قد يتّصل وجوده من طرف الابتداء بوجود السبب من طرف الانتهاء ، وقد يتّصل بوجود آخر شروط تأثيره كما فيما نحن فيه ولذا قد يقال : إنّ الشيء يستند إلى العلّة التامّة أو إلى الجزء الأخير منها.
الخامس : آية وجوب الوفاء بالعقد ، بتقريب أنّ الوفاء بالعقد والعمل بمقتضاه هو الالتزام بالنقل من حين العقد.
وفيه : أنّ الخطاب يتوجّه إلى المالكين ومن يقوم مقامهما ، فما لم يصدر الإجازة الكاشفة عن الرضا ـ الّذي هو من شروط تأثير العقد ممّن له الإجازة ـ لم يتوجّه إليه الخطاب بالوفاء ، وإلّا لم يحتج إلى اعتبار إجازته. والمراد من الوفاء بالعقد حينئذٍ هو