وثانياً : بأنّه لو سلّمنا الإجازة الضمنيّة من باب المماشاة فتعقّب العقد لها يقتضي خروج المبيع عن ملك مالكه الأوّل ودخوله في ملك المشتري كدخول ثمن المشتري في ملك المالك الأوّل ، وقضيّة ذلك كون العقد الثاني فضوليّاً لأنّ المالك الأوّل باع ماله من دون إذنه فيحتاج نفوذه إلى إجازة المشتري وهي غير حاصلة ، وإجازة العاقد مع عدم كونه إجازة له غير كافية فيبطل ، فرجع الكلام إلى أنّ العقد الأوّل بالمعنى الّذي قصد منه وهو صيرورة الثمن ملكاً للعاقد بإزاء ملك المبيع للمشتري لم يصحّ.
ومرجع الجواب على القولين في الإجازة إلى منع صغرى الدليل ، وهو كون العقد المفروض عقداً صدر من أهله في المحلّ القابل للعقد عليه ، لأنّ العقد الصادر من أهله في محلّه في باب الفضولي لا بدّ وأن يكون منطبقاً على ضوابط عقد الفضولي ، والمفروض عدم انطباقه عليها.
واجيب أيضاً بوجوه :
أوّلها : أنّ الإجازة حيث صحّت كاشفة على الأصحّ مطلقاً لعموم الدليل الدالّ عليه ، ويلزم حينئذٍ خروج المال عن ملك البائع قبل دخوله فيه. أقول : أمّا بيان الملازمة فلأنّ المفروض أنّ المال بالعقد الثاني يدخل في ملك العاقد فلو خرج عن ملكه حين العقد الأوّل والمفروض عدم دخوله في ملكه بعد فهو خروج له عن دخوله فيه ، وأمّا الاستحالة فلأنّ خروج المال في الملك مسبوق بدخوله فيه وحيث لا دخول فلا خروج. ودعوى شمول العمومات ، يدفعها أنّ العمومات لا تصير المحال واقعاً ولا ممكناً فلا معنى لشمولها فتعيّن عدم الصحّة.
فإن قلت : يدخل في ملك العاقد حين العقد الأوّل آناً ما ثمّ يخرج عن ملكه في ذلك الحين.
قلت : دخوله في ملكه لا بدّ له من سبب ، والمفروض أنّ سببه العقد الثاني ، فلو دخل في ملكه حين العقد الأوّل بالعقد الثاني لزم تقدّم المسبّب على سببه ، وهو محال.
فإن قلت : يخرج عن ملك مالكه بالعقد الأوّل من غير أن يدخل في ملك أحد ، ثمّ يدخل بالعقد الثاني في ملك العاقد آناً ما ثمّ يخرج عن ملكه ويدخل في ملك المشتري بالعقد الأوّل ، والكاشف عنه الإجازة.