لا يقال : يمكن إثبات التعميم بقوله تعالى : «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (١) فإنّ رضا العاقد الفضولي الّذي أمضاه المالك بعد العقد نوع من التراضي فيشمله الآية ، لمنع شمول الآية فإنّ «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» ليست بلفظ عامّ بل نكرة في سياق الإثبات ، وهي لا تفيد العموم وغايته الإطلاق وينصرف إلى الشائع من أفراد الرضا ، وهو رضا المالك حين العقد ، فرضا غير المالك حين العقد الّذي أمضاه المالك بعده كنفس العاقد ليس مشمولاً لأدلّة الإجازة في الفضولي ، ولزم منه أن لا يكون العقد المقارن لهذا الرضا مشمولاً للعمومات المقتضية للصحّة ، لفرض كونها مخصّصة بأدلّة الرضا ، فيرجع فيه إلى الأصل الأوّلي وهو أصالة الفساد.
وثانيها : أنّ صحّة العقد يستلزم عدم صحّته وهو محال ، وبيانه أنّ صحّة العقد الأوّل بسبب الإجازة على الكاشفيّة تستلزم مالكيّة العاقد المجيز حال الإجازة ، ومالكيّته تستلزم صحّة العقد الثاني وهي تستلزم عدم صحّة العقد الأوّل ليكون المال باقياً على ملك مالكه الأصلي وينتقل منه إلى العاقد. وقد يقرّر ذلك بأنّ صحّة العقد الأوّل بإجازة الفضولي متوقّفة على مالكيّته ، وهي متوقّفة على صحّة العقد الثاني وهي متوقّفة على بقاء المال على ملك مالكه الأصلي ، فيكون صحّة الأوّل مستلزمة لكون المال المعيّن ملكاً لمالك وملكاً للمشتري معاً في زمان واحد وهو محال لتضادّهما ، فوجود الثاني وهو كونه ملكاً للمشتري يقتضي عدم الأوّل وهو موجب لعدم الأوّل أيضاً ، فيلزم وجوده وعدمه في آن واحد وهو محال.
فإن قلت : مثل هذا لازم في كلّ عقد فضولي لأنّ صحّته متوقّفة على الإجازة المتوقّفة على بقاء ملك المالك ، ومستلزمة لملك المشتري كذلك فيلزم كونه بعد العقد ملك المالك والمشتري معاً في آنٍ واحد ، فيلزم إمّا بطلان عقد الفضولي مطلقاً ، أو بطلان القول بالكشف ، فلا اختصاص لهذا الإيراد بما نحن فيه.
قلنا : يكفي في الإجازة ملك المالك ظاهراً وهو الحاصل من استصحاب ملكه السابق ، لأنّها في الحقيقة رفع اليد وإسقاط للحقّ ، ولا يكفي الملك الصوري في العقد
__________________
(١) النساء : ٢٩.