لا يقال : إنّ المالك الّذي هو العاقد إنّما رضى بالعقد على أنّه فضولي لا على أنّه مالكي ، والمقصود من الاستدلال تصحيح هذا البيع على أنّه مالكي ، لا على أنّه فضولي ، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، فلا بدّ من الإجازة لأنّ العقود تتبع القصود.
لأنّا نقول : إنّ الفضوليّة والمالكيّة في العقد ليستا من أركانه ، فلا يندرج قصدهما في القصود الّتي تتبعها العقود.
نعم يمكن أن يقال : إنّ ما ذكرت إنّما يتمّ لو كان مبنى العقد على المداقّة بحيث أحرز فيه العاقد كون بيع المال صلاحاً مع موافقته الغرض في الثمن المسمّى فيه ، وأمّا لو كان مبناه على المسامحة باعتبار اعتقاد العاقد كونه بيعاً لمال الغير فلم يحرز فيه كون أصل البيع صلاحاً ولا كون الثمن المسمّى فيه موافقاً للغرض ، بحيث لو علم كون المال له لم يبعه لعدم كونه صلاحاً أو لم يرض بذلك الثمن لعدم موافقته غرضه. وحينئذٍ فلو الزم على البيع من دون اعتبار إجازته لزم الضرر وهو منفيّ في الإسلام ، إلّا أن يقال : إنّه ضرر أقدم هو عليه وأدخله على نفسه. ولكن يدفعه أنّه أقدم عليه على أنّ المبيع لغيره فلم يقدم على ضرره من حيث إنّه ضرره ، هذا.
ولكن التحقيق أنّ إثبات حقّ الإجازة فيما نحن فيه بقاعدة الضرر ليس في محلّه ، لأنّها إنّما يتمسّك بها لإثبات حقّ الخيار لا لإثبات حقّ الإجازة ، والفرق بينهما أنّ حقّ الإجازة يثبت في كلّ عقد يكون متزلزلاً في حدوثه كعقد المكره وعقد الفضولي ، وحقّ الخيار يثبت في عقد متزلزل في بقائه ، ولذا تراهم أنّهم لإثبات اعتبار الإجازة في عقد الفضولي تمسّكوا بالأدلّة الخاصّة من إجماع أو نصّ لا بقاعدة نفي الضرر ، والمفروض في المقام عدم تزلزل العقد في حدوثه لعدم الشكّ في صحّته وتأثيره من حينه ، لأنّ تزلزل العقد في الفضولي إنّما نشأ من عدم مقارنته لرضا المالك وهو فيما نحن فيه مقارن لرضاه فلا جهة لكونه متزلزلاً في حدوثه ، واعتقاد كون المال لغيره على خلاف الواقع لا يوجب التزلزل في حدوثه مع مقارنته لشرط التأثير ، وتقدير عدم الرضا بتقدير علمه بكون المال له لا يصير الموجود معدوماً.
نعم لو شكّ في تزلزله في بقائه وعدمه وجرى فيه قاعدة نفي الضرر أمكن فيه الالتزام بحقّ الخيار ، وهذا لا ينافي عدم وقوف لزومه على الإجازة ، كما لا ينافيه