ومنها : موثّقة سماعة قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شرب الرجل أبوال الإبل والبقر والغنم ينعت له من الوجع هل يجوز له أن يشرب؟ قال : نعم لا بأس به» (١).
والجواب عن الأصل : أنّه يخرج عنه بدليل المنع.
وعن الإجماع المنقول بكونه موهوناً بعدم كون ناقله وهو السيّد رحمهالله جازماً فيه حيث ذكره في الانتصار احتمالاً متردّداً فيه ، وهذه عبارته «ممّا يظنّ قبل التأمّل انفراد الإماميّة به القول بتحليل أبوال الإبل وما يؤكل لحمه من البهائم إمّا للتداوي أو غيره ، ثمّ ذكر خلاف العامّة هنا وأقوالهم. ثمّ قال : والّذي يدلّ على صحّة مذهبنا إليه بعد الإجماع المتردّد أنّ الأصل فيما يؤكل أو يشرب في العقل الإباحة ...» (٢) إلى آخر كلامه ، مضافاً إلى شهرة القول بالتحريم وذهاب جماعة من معتبري الطائفة وأساطينهم ، بل في مصابيح السيّد «أنّ المشهور بين الأصحاب هو التحريم» (٣) ولم يذهب إلى إباحة الأبوال قبل السيّد فيما أعلم سوى ابن الجنيد.
وعن الآيتين أنّ الحصر المستفاد منهما ليس على ظاهره ، وعموم النفي غير مراد منهما خصوصاً الآية الاولى لمكان تقييد نفي وجدان المحرّم ممّا عدا الثلاثة المذكورة فيها بما اوحي إليها ، ولو سلّم فيجب تخصيصهما بآية تحريم الخبائث ، كما أنّهما تخصّصان بأدلّة سائر محرّمات الشرع ممّا لا يحصى كثرة.
وعن الأخبار بأنّ الظاهر من نفي البأس في الخبرين الأوّلين إنّما هو نفي النجاسة ، ولذا تداول من الأصحاب في كتاب الطهارة ذكرهما في عداد الأخبار الدالّة على طهارة أبوال وأرواث ما اكل لحمه ، والاستدلال بهما على الطهارة ، ولعلّ السرّ فيه أنّه لمّا كان المعهود في أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه هو النجاسة فيوجب ذلك بقرينة المقابلة انصراف إطلاق نفي البأس في أبوال ما اكل لحمه إلى نفي النجاسة الملازم للطهارة ، ويؤيّده أنّ إضافة «لا بأس» إلى الأعيان فيه إشعار ما بنفي النجاسة أيضاً.
وتوهّم : أنّه بضابطة النكرة المنفيّة عامّ فينفي جميع جهات المنع الّتي منها النجاسة ، وقضيّة ذلك إباحة شرب الأبوال الطاهرة بل مطلق الانتفاع بها.
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ١١٥ / ٧ ، ب ٥٩ الأطعمة المباحة ، التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢.
(٢) الانتصار : ٤٢٤.
(٣) مصابيح الأحكام : ٢١.