يتسلّط المالك على استرجاعه. ولو سلّم قيام احتمال خروجه عن الملك كفى في نفيه استصحاب الحالة السابقة ، فيندرج في عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» فمقتضى القواعد جواز رجوعه على الغاصب بثمنه المفروض بقاؤه في يده إلّا أن يكون هنا إجماع على المنع ، كما استظهره صاحب مفتاح الكرامة (١) فيما تقدّم ، ونسب ظهور نقله أيضاً إلى التذكرة والإيضاح.
ثانيتهما : أن يبيع الغاصب ويشتري المشتري العالم بالغصبيّة مترقّبين لإجازة المالك ، ففي مثل ذلك لم يسلّطه على إتلافه مجّاناً فلو أجازه المالك وجب القطع بصحّته ، وحينئذٍ فلو ردّه واسترجع عينه من المشتري رجع المشتري أيضاً على الغاصب بثمنه عيناً أو بدلاً ، فإذا صحّ على تقدير الإجازة لزمه جواز تتبّع العقود على تقدير ترتّبها.
ثمّ قد عرفت أنّهم في العقود المترتّبة على الثمن المجاز أحدها ، أطلقوا الحكم بصحّة المجاز وما قبله. وهذا بإطلاقه على ما يترجّح غير جيّد ، إذ الصور المتصوّرة في إجازة العقد المتأخّر مثلاً فيما لو باع الكتاب بثوب والثوب بسيف والسيف بفرس ثلاث :
الاولى : أن يعلم من حال المجيز أنّه قصد بإجازته العقد المتأخّر إجازة ما سبقه من العقود أيضاً. ولا ينبغي الاسترابة في صحّة الجميع حينئذٍ.
الثانية : أن يعلم أنّه قصد إجازة خصوص المتأخّر دون ما سبقه. والوجه فيها بطلان الجميع ، لأنّ معنى صحّة العقد المتأخّر في نحو المثال أن يكون المجيز مالكاً للفرس ، وهو موقوف على أن يكون مالكاً للسيف في سابقه ، وهو موقوف على أن يكون مالكاً للثوب في العقد الأوّل ، ومالكيّته للثوب في هذا العقد وللسيف في العقد الثاني موقوفة على إجازتهما ، والمفروض عدم القصد إلى إجازتهما ، والإجازة المتعلّقة بالعقد الأخير لا يرتبط بهما ، فهي بالنسبة إلى العقد الأخير من إجازة الأجنبيّ فلا تكون مؤثّرة في ملك ثمن هذا العقد.
فإن قلت : إجازة العقد المتأخّر تدلّ على إجازة العقود المتقدّمة بالدلالة الالتزاميّة الاقتضائيّة ، وهي عبارة عن كون المدلول الالتزامي بحيث يتوقّف عليه صدق الكلام أو
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦١٥.