قولاً واحداً ، وهل له زائداً على ماله حقّ آخر يطالبه من المشتري من عوض منافع أو بدل حيلولة أو غير ذلك ، أو لا؟
فنقول : إنّ المال إمّا أن يكون ممّا له منافع يستحقّ الاجرة عليها كالعبد والجارية والدار والدابّة والثوب ، أو لا يكون له منافع كالدينار والدرهم والعين من الذهب أو الفضّة ، ومثّل له في التذكرة (١) بالغنم والشجر والطير.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون المشتري قد انتفع به واستوفى منافعه أو لا ، والمصرّح به في كلام جماعة كالمبسوط (٢) والقواعد (٣) والتذكرة (٤) وجامع المقاصد (٥) ومفتاح الكرامة (٦) وغيرها أنّه يستحقّ مطالبة اجرة المنافع المستوفاة والمنافع التالفة في يد المشتري ، وعليه ردّها إليه. والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه ، وفي مواضع عديدة من التذكرة ما ظاهره دعوى الإجماع عليه ، بل كلامه في بعض المواضع صريح فيه حيث قال : «منافع الأموال من العبيد والثياب والعقار وغيرها مضمونة بالتفويت والفوات تحت اليد العادية ... إلى أن قال : بأن بقيت في يده مدّة لم يستعملها عند علمائنا أجمع» (٧). ودعوى : أنّ يد المشتري ليست بعادية لظهورها في يد الغاصب ، يدفعها : أنّه قبض المال قبل الإجازة من غير استحقاق فيكون يده عادية ويكون هو في تصرّفاته وانتفاعاته غاصباً.
فهذا الإجماع المنقول المعتضد بظهور عدم الخلاف وبفتوى المعتبرين هو الحجّة ، مضافاً إلى عموم «على اليد ما أخذت» بناءً على كون المراد من الأخذ هو الاستيلاء ، وكما يصدق بالنسبة إلى عين المال أنّ المشتري استولى عليها ، فكذلك يصدق ذلك بالنسبة إلى منافعها المستوفاة ومنافعها التالفة تحت يده ، وفي حكمها نماءاتها التالفة تحت يده من ثمرة أو لبن أو غير ذلك.
وهل يستحقّ بدل الحيلولة فيما له منافع وما ليس له منافع بالنسبة إلى مدّة كون العين في يده؟ الوجه هو عدم الاستحقاق ، لأنّ التقدير تقدير انتزاع عين المال ووصولها إلى يد المالك وهو رافع لموضوع بدل الحيلولة بالنسبة إلى الأزمنة الماضية ، فإنّ
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٣٨١.
(٢) المبسوط ٢ : ٣٨١.
(٣) القواعد ٢ : ١٩. (٤) والتذكرة ١٠ : ٢٩٢.
(٥) جامع المقاصد ٤ : ٧٧ ، و ٦ : ٣٢٦.
(٦) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٣٣ ـ ٦٣٤.
(٧) التذكرة ٢ : ٣٨١.