نعم لو كان عالماً بسبق ملك ذلك الغير المدّعي له وسبق يده عليه بأن علم أنّه كان مالكاً له في سابق الزمان ولكن يجده الآن في يد البائع المدّعي للمالكيّة أو المأذونيّة من المالك رجع الواقعة إلى مسألة تعارض اليدين إحداهما سابقة والاخرى لاحقة ، فإن بنينا في تلك المسألة على تقديم اليد السابقة استصحاباً للحال ، فليس له الاشتراء ، ولو اشتراه ثمّ انتزعه منه مدّعيه كان حكمه كحكم المشتري العالم بالغصبيّة ، لأنّ القاعدة المقتضية لتقديم اليد السابقة علم شرعي في حقّه. بخلاف ما لو بنينا في تلك المسألة على تقديم اليد اللاحقة اعتباراً للحال وحملاً لها على الصحّة فله الاشتراء ثمّ الرجوع بعده على البائع بثمنه على تقدير خروج المال مستحقّاً لمدّعيه ، لعدم خروجه عن عنوان الجاهل بمجرّد ادّعاء المدّعي ولا بمجرّد علمه بسبق ملكه ويده ، فليتدبّر.
وإن كان عالماً بالغصبيّة ففي رجوعه على البائع بالثمن مطلقاً ، أو عدمه كذلك ، أو إذا كان باقياً دون ما لو كان تالفاً ، وجوه :
فقيل بأنّه لا يرجع مطلقاً ، وهو ظاهر إطلاق الشيخ في النهاية (١) وربّما عزي الموافقة له إلى بني إدريس (٢) وزهرة (٣) وحمزة (٤) ونسب أيضاً إلى ظاهر السيّد (٥) قدسسره ولكنّا لم نجد من كتبهم ، ونسبه في التذكرة (٦) إلى علمائنا مؤذناً بدعوى الإجماع ، ويقرب منه ما عنه في نهاية الإحكام (٧) والمختلف (٨).
ففي الأوّل : «أطلق علماؤنا ذلك» وفي الثاني «قال علماؤنا : ليس للمشتري الرجوع على الغاصب ، وأطلقوا القول في ذلك» ونحوه حكي عن ولده في الإيضاح (٩) وعنه في موضع آخر نسبته تارةً إلى قول الأصحاب ، واخرى إلى نصّهم ، وثالثة إلى الأكثر (١٠) وفي المسالك (١١) والرياض (١٢) والكفاية (١٣) نسبته إلى المشهور ، وفي موضع من الروضة (١٤) نسبته إلى الأكثر.
وقيل بالرجوع مع البقاء دونه مع التلف كما اختاره العلّامة في كثير من كتبه
__________________
(١) النهاية : ٤٠٢. (٢) السرائر ٢ : ٢٦٦.
(٣) الغنية : ٢٠٧. (٤) الوسيلة : ٢٣٧.
(٥) الرياض ٨ : ٢٢٩. (٦) التذكرة ١٠ : ١٨.
(٧) نهاية الإحكام ٢ : ٤٧٨. (٨) المختلف ٥ : ٥٥.
(٩) الإيضاح ١ : ٤١٧. (١٠) الإيضاح ٢ : ١٩٤.
(١١) المسالك ٣ : ١٠٦. (١٢) الرياض ٨ : ٢٢٨.
(١٣) الكفاية : ٨٩. (١٤) الروضة ٣ : ٢٣٥.