الخلاصة والنجاشي (١) وفي الأوّل «إنّه كثير التفرّد بالغرائب» (٢).
هذا مضافاً إلى اشتمال متنه على أمارة الوضع ، فإنّ قوله : «ويجعل الله الشفاء في ألبانها» بعد قوله : «أبوال الإبل خير من ألبانها» يشبه بكونه اعتراضاً من الإمام عليهالسلام على الله سبحانه ، حيث إنّه جعل الشفاء في ألبان الإبل ، مع أنّ مقتضى خيريّة أبوالها أن يجعل الشفاء فيها ، فهذا الكلام بهذا الاعتبار لا يشبه بكلام أهل بيت العصمة والطهارة.
مع أنّه يقتضي أنّه لم يجعل في أبوالها شفاء ، وهذا كذب وهو جهة اخرى في اختلال متن الرواية ، مع عدم وضوح دلالتها على الجواز ، إذ لا يدرى أنّه أراد أيّ شيء من الخيريّة ، ولعلّه أراد أنّه من حيث الاستشفاء خير ، بناءً على كون المراد من جعل الشفاء في الألبان الجعل التكليفي وهو الترخيص في الاستشفاء ، وحينئذٍ ينقلب الدلالة ويصير دليلاً على المنع في الأبوال مطلقاً حتّى الاستشفاء فليتدبّر.
المسألة الثالثة : جواز التكسّب بالأبوال الطاهرة وعدمه ، وفيه ـ بعد البناء على حرمة الانتفاع بها في الأكل والشرب اختياراً ـ قولان ، والأصحّ الأقوى القول بالمنع عملاً بروايتي تحف العقول ورواية دعائم الإسلام وخبر النبويّ ، فإنّها تدلّ على أنّ ضابط المنع من البيع والشرى تحريم الشيء اختياراً ، لظهور قوله عليهالسلام : «ممّا هو منهيّ من جهة أكله أو شربه» في كون أكله اختياراً أو شربه كذلك منهيّاً عنه ، وكذلك قوله : «ما كان محرّماً أصله منهيّاً عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه» أي محرّماً ومنهيّاً عنه أكله وشربه اختياراً ، وكذلك قوله : «إنّ الله [إذا] حرّم شيئاً حرّم ثمنه» أي إذا حرّم أكله أو شربه اختياراً أو جميع منافعه الاختياريّة أو منافعه المقصودة المنوطة بالاختيار.
كما أنّ المستفاد من الأدلّة خصوصاً رواية دعائم الإسلام أنّ ضابطة حلّ بيع الشيء حلّ منافعه المقصودة أو منفعته الغالبة المقصودة ـ كما تقدّم بيان ذلك في ذيل بحث المسكرات الجامدة ـ فتحليل أكل الشيء أو شربه للضرورة أو عند الحاجة للتداوي في المرض لا يسوّغ بيعه مطلقاً ، ولا في الجهة المحلّلة الّتي هي من حلّ
__________________
(١) رجال النجاشي ١ : ١٠٩.
(٢) خلاصة الأقوال : ٣٢٧.