ودعوى : أنّه سلّطه على إتلافه مجّاناً ، يدفعها : أنّ التقدير تقدير عدم تحقّق الإتلاف ، وكون التسليط بمجرّده مخرجاً عن الملك أو ناقلاً إلى البائع أوّل المسألة ، ويحتاج إلى دليل وهو منتف والأصل يقتضي عدمه.
حجّة القول بعدم الرجوع : ما أشار إليه في المسالك فإنّه في شرح عبارة الشرائع وقيل : لا يرجع بالثمن مع العلم بالغصب ، قال : «هذا هو المشهور بين الأصحاب مطلقين الحكم فيه الشامل لكون الثمن باقياً أو تالفاً ، ووجّهوه بكون المشتري قد دفعه إليه وسلّطه عليه مع علمه بعدم استحقاقه له فيكون بمنزلة الإباحة ، وهذا يتمّ مع تلفه ، أمّا مع بقائه فله أخذه لعموم النصوص الدالّة على ذلك بل يحتمل الرجوع بالثمن مطلقاً ، وهو الّذي اختاره المصنّف في بعض تحقيقاته لتحريم تصرّف البائع فيه حيث إنّه أكل مال بالباطل فيكون مضموناً عليه ...» (١) إلى آخر ما ذكر.
وقد يجاب أيضاً بالنقض بالمقبوض بالعقد الفاسد من المثمن والثمن ، فإنّ كلاًّ من المتعاقدين يسلّط صاحبه على ماله. ولعلّ المراد نقضه بصورة علمهما بفساد العقد وإلّا كان في غير محلّه.
والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّه من جهة التعبير بكونه بمنزلة الإباحة ينتج ضدّ المطلوب ، لأنّ كون شيء بمنزلة شيء في الروايات وعبائر العلماء بل في العرف واللغة أيضاً عبارة عن لحوقه به في حكمه مع عدم دخوله في اسمه ، كما يقال : «النبيذ بمنزلة الخمر» وماء في قوله عليهالسلام : «ماء الحمام بمنزلة الجاري» وما أشبه ذلك ، وحينئذٍ نقول : إنّ كون التسليط المذكور بمنزلة الإباحة على تقدير تسليمه معناه أنّه ليس بإباحة اسماً ولكن حكمه حكم الإباحة ، ومن حكم الإباحة جواز رجوع المالك المبيح إلى ما أباحه مع بقائه وأخذه من المباح له ، فالدليل المذكور ينتج جواز الرجوع بالثمن مع بقائه لا عدم جوازه.
وفي كلام غير واحد التعبير مكان ما تقدّم بعبارة «فيكون إباحة» ويرد عليه أيضاً أنّه لو سلّمنا كونه إباحة ينتج خلاف المطلوب ، مع تطرّق المنع إلى كونه إباحة ، لأنّه إمّا
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٦٠.