أن يراد به الإباحة المالكيّة كما هو الظاهر ، أو الإباحة الشرعيّة على معنى أنّ الشارع أباحه للبائع من جهة تسليط البائع له على إتلافه ، وأيّاً ما كان فهو ليس بمسلّم.
أمّا الأوّل : فلأنّ المشتري لا يقصد بدفعه إنشاء الإباحة للبائع خصوصاً مع توقّعه لحوق إجازة المالك ، بل إنّما قصد به كونه عوضاً عمّا يأخذه من البائع ولو كان عالماً بالغصبيّة بل بفساد البيع لأنّ علمه ذلك لا ينافي قصد العوضيّة ، ولا ريب أنّ قصد العوضيّة بدفعه لا يتضمّن قصد إنشاء الإباحة للبائع مجّاناً.
وأمّا الثاني : فلأنّ الإباحة الشرعيّة تحتاج إلى دليل ، والمفروض أنّ المستدلّ لم يأت بما يصلح دليلاً ، بل ادّعى كون دفعه تسليطاً وكون التسليط إباحة ، وهذا مع منع صغراه مصادرة بالمطلوب في كبراه ، لأنّ كون التسليط إباحة شرعيّة أوّل المسألة.
وفي مفتاح الكرامة تبعاً للشيخ النجفي في شرحه للقواعد توجيه عدم جواز الرجوع «بأنّ من الجائز أن يكون عدم جواز الرجوع للمشتري عقوبة له حيث دفع ماله معاوضاً به على محرّم ، فيكون الغاصب البائع مخاطباً بردّه ، فإن بذله أخذه المشتري وإن امتنع منه بقي للمشتري في ذمّته ، وإن لم يجز له مطالبته كما هو الشأن فيما لو حلف المنكر كاذباً على عدم استحقاق المال في ذمّته» (١).
وهذا كما ترى أضعف من سابقه ، لأنّ كون شيء عقوبة شيء يذكره الأصحاب في بعض المقامات نكتة لحكم شرعي بعد وقوعه وثبوته ودلالة الدليل عليه ، كما ذكروه في باب الحجّ في مسألة إفساد الحجّ فيمن أفاض عن العرفات قبل الغروب ولم يعد ، فقد ثبت فيه بالنصّ والإجماع أنّه يجب عليه إتمام ذلك الحجّ وإعادته أيضاً في العام المستقبل ، ووجّهه الأصحاب بأنّ أحدهما عقوبة إمّا الإتمام أو الإعادة في القابل والآخر مأمور به ، وعلى هذا فالعقوبة فرع على ثبوت عدم جواز الرجوع مطلقاً بالدليل والمفروض عدمه ، والجواز العقلي مع عدم ثبوت عدم الجواز الشرعي لا يصلح دليلاً عليه.
وقد يستدلّ بفتوى الشيخ في النهاية بتقريب : أنّه لا يفتي فيها إلّا بمتون الروايات من غير اختلاف أو مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ من غير تغيير للمعنى ، فتكون
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦١٨.