رواية مرسلة منجبرة هنا بموافقة القدماء ، كابن إدريس وابني زهرة وحمزة وظاهر السيّد.
وهذا أيضاً كسابقيه في الضعف ، لمنع كونها رواية مرسلة ، ومنع انجبارها على تقدير التسليم بما ذكر لمنع وضوح الموافقة ، بل لم نجدها في كتبهم لا في باب البيع ولا في باب الغصب.
وقد يحتمل الاستدلال بالإجماعات المنقولة في عبائر العلّامة في كتبه المتقدّمة وعبارة الإيضاح ، المعتضدة بالشهرات المحكيّة المتقدّمة.
وفيه ـ مع عدم صراحة العبائر المتقدّمة في دعوى الإجماع ـ أنّها موهونة بمخالفة مدّعيها في صورة بقاء العين ، إذ قد عرفت أنّ العلّامة في الكتب المتقدّمة وولده في الإيضاح مع نسبتهما القول بعدم جواز الرجوع إلى علمائنا أو إلى الأصحاب رجّحا جواز الرجوع مع بقاء العين ، وهذا منهما يكشف عن عدم الإجماع عندهما في تلك الصورة بحيث لم يجز مخالفته. وأمّا الشهرات المحكيّة ـ فمع أنّها محكيّة وليست محقّقة ـ فهي أيضاً تتوهّن بالعلم بفساد مدرك المشهور ، إذ قد عرفت أنّ مستنده كما ذكره الشهيد (١) وغيره (٢) ما تقدّم من تسليط المشتري الموجب لكون دفعه إباحة مجّانية أو بمنزلتها ، وقد ذكرنا وجه فساده ، ولا عبرة بالشهرة حيث علم فساد مدركها.
المسألة الثانية : المعروف عدم رجوع المشتري على البائع مع تلف ثمنه في يده ، ونقل عليه الإجماع في مفتاح الكرامة (٣) ونسب نقله إلى العلّامة في التذكرة (٤) وقد عرفت عبارة نقله ، وحكي عن جامع المقاصد (٥) ومستندهم ما تقدّم من أنّ سلّطه على ماله مجّاناً وبلا عوض.
لا يقال : إنّما دفعه إليه بعوض ، وهو المبيع الّذي أخذه منه فإذا لم يسلم له العوض رجع عليه بما دفعه ثمناً ، فإذا فرض تلفه في يده استحقّ عوضه مثلاً أو قيمة.
لأنّا نقول : إنّما دفعه إليه بعوض هو مال غيره لا بعوض من ماله ليكون ذمّته مشغولة بعوضه من ماله على تقدير التلف.
__________________
(١) الدروس ٣ : ١٩٣.
(٢) كما في جامع المقاصد ٤ : ٧١.
(٣) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦١٩.
(٤) التذكرة ١٠ : ١٨.
(٥) جامع المقاصد ٤ : ٧١.