لا يقال : بناء المعاملة في بيع الغاصب على ادّعاء مالكيّته للمبيع ، فعوض الثمن وإن كان مال الغير في الواقع إلّا أنّه مال ادّعائي للبائع ، فالمشتري سلّطه على ماله بعوض هو مال ادّعائي للبائع فيتسلّط عليه بعوض ثمنه من ماله.
لأنّا نقول : إنّ ادّعاء الماليّة لا يوجب ضمانه بعوض الثمن المفروض تلفه في يده إلّا إذا كان ادّعائه بحيث أمضاه الشارع ، والمفروض بحكم فساد العقد أنّ الشارع لم يمض ادّعاءه فلا يؤثّر في كون الثمن معوّضاً به من مال البائع ليكون ضامناً بعوضه في ذمّته.
فإن قلت : إنّ المقتضي لضمانه العوض عموم قوله عليهالسلام : «على اليد ما أخذت» (١) فإنّه كما يقتضي وجوب ردّ عينه مع البقاء كذلك يقتضي وجوب أداء بدله مع التلف.
قلت : عموم الخبر مخصّص بفحوى ما دلّ على عدم الضمان في موارد الأمانة ، كمن استأمنه المالك بدفع ماله إليه لحفظه كما في الوديعة ، أو للانتفاع به كما في العارية ، أو لاستيفاء منافعه المملوكة له كما في الإجارة ، فإنّ الدفع على هذا الوجه ـ مع عدم كونه تسليطاً على الإتلاف ـ إذا لم يوجب الضمان فالدفع التسليطي على الإتلاف أولى بعدم كونه موجباً للضمان.
فإن قلت : إنّ البائع حال كون عين الثمن باقية إمّا أن يكون مخاطباً بردّه إلى المشتري أو لا ، والثاني باطل ، لقوله تعالى : «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (٢) فإنّ الآية لظهور النهي في التحريم تدلّ على أنّ كلّ أكل للمال بالباطل محرّم ، وقد استثني منه أكل المال المستند إلى تجارة عن تراضٍ ، وأكل البائع للثمن على معنى تصرّفاته فيه حال بقائه لم يكن أكلاً له عن تجارة عن تراض ، لمكان بطلان بيعه فلا يصدق عليه التجارة عرفاً مع كون المبيع مال الغير ، فيكون خارجاً عن المستثنى فيدخل في المستثنى منه فيكون أكلاً للمال بالباطل فيكون محرّماً. وقضيّة كونه محرّماً كونه مخاطباً بردّه إلى المشتري ، وإذا كان مخاطباً بردّه مع بقائه كان مخاطباً بردّ عوضه مثلاً أو قيمة مع تلفه ، ولا نعني من ضمانه العوض إلّا هذا.
قلت : كونه مخاطباً بردّه حال بقاء عينه إنّما يستتبع ضمانه العوض بعد تلفه إذا
__________________
(١) عوالي اللآلئ ١ : ٢٨٩ / ٢٢.
(٢) النساء : ٢٩.