ثبت وجوب ردّ عينه حال البقاء بخبر «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» الّذي هو دليل على الضمان ، والمفروض عدم دلالة الخبر عليه ، لأنّ المراد باليد فيه إمّا اليد العادية على معنى الاستيلاء العدواني على مال الغير ، أو اليد الغير المأذون فيها على معنى الاستيلاء الغير المأذون فيه على مال الغير ، ولذا لا يتناول الخبر يد الأمانة بجميع أقسامها ، واستيلاء البائع على الثمن حال بقائه لم يكن استيلاءً عدوانيّاً ولا استيلاءً غير مأذون فيه ، لأنّ المشتري إنّما دفعه إليه بطيب نفسه. فإذا لم يدلّ الخبر على وجوب ردّه حال بقائه فلم يدلّ على ضمانه العوض بعد تلفه ، ولا ينافيه جواز رجوع المشتري عليه حال البقاء لأنّه غير وجوب ردّه إليه حال البقاء على البائع قبل رجوع المشتري ، ولا ملازمة بينهما.
نعم : إذا رجع عليه مع البقاء صار مخاطباً بردّه ، فإذا امتنع عن ردّه يصير يده يد عادية أو غير مأذون فيها فيتناوله الخبر حينئذٍ ، فإذا اتّفق تلفه والحال هذه صار ضامناً لعوضه مثلاً أو قيمة ، ولكنّ المفروض أنّ المشتري لم يرجع عليه حال بقائه بل رجع بعد تلفه.
وأمّا ثبوت وجوب ردّ العين بالآية حال البقاء بالتقريب المتقدّم وإن كان مسلّماً إلّا أنّه لا يستتبع ضمان العوض بعد تلفه ، لأنّ الآية مسوقة لبيان حكم تكليفي وهو تحريم أكل المال بالباطل ، وأمّا ضمان العوض مع التلف فهي ساكتة عنه نفياً وإثباتاً ، فلا بدّ في إثباته من دليل آخر ، والآية غير وافية بإثباته.
فإن قلت : إنّ ضمان العوض يثبت بقاعدة الإقدام ، وهو إقدام البائع على أن يكون الثمن في ضمانه ، ولذا دفع المبيع إلى المشتري عوضاً ، وقد استدلّ الشيخ (١) بها على الضمان في فساد ما يضمن بصحيحه.
قلت : إنّ البائع إنّما أقدم على ضمان الثمن بمال لغيره مع علم المشتري بكونه لغيره ولم يقدم عليه بمال لنفسه ، والموجب لضمان العوض على تقدير التلف مع عدم سلامة العوض الأوّل إنّما هو الثاني لا الأوّل.
فإن قلت : إنّ الضمان يثبت بقاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» كما استدلّ
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٨٥ و ٨٩.