وإنّما يتعلّق الجعل بالامور الوجوديّة ، فالضرر لا يترتّب على حكم مجعول حتّى ينفي الخبر مجعوليّته.
ولا يمكن التمسّك لإثبات ضمان العوض باستصحاب الحالة السابقة بدعوى أنّ المشتري حال وجود الثمن في يد البائع كان متسلّطاً على الرجوع به على البائع وبعد تلفه يشكّ في بقاء تلك السلطنة والأصل بقاؤها ، لأنّ الاستصحاب مع عدم بقاء موضوع المستصحب ممّا لا معنى [له] ، والحالة السابقة في زمان اليقين هي السلطنة على عين الثمن وهي غير باقية ، والسلطنة على العوض غير ثابتة في الزمان السابق حتّى تستصحب.
وحينئذٍ نقول : إنّه إن شكّ في أمر يرجع إلى المشتري وهو أنّه هل يتسلّط على مطالبة عوض الثمن مثلاً أو قيمة ويستحقّه على البائع؟ فالأصل عدمه ، وإن كان في أمر يرجع إلى البائع وهو أنّه هل يجب عليه ردّ عوض الثمن إلى المشتري؟ فالأصل براءة ذمّته عنه.
فتلخّص بجميع ما قرّرناه في المسألتين أنّ الأقوى في رجوع المشتري على البائع هو ما عليه العلّامة ومتابعوه من التفصيل بين بقاء عين الثمن فيستحقّ الرجوع عليه به وتلفه فلا يستحقّ.
نعم يستثنى عن الحكم الثاني صور أربع :
الاولى : ما لو باع الغاصب أو الفضولي لنفسه أو للمالك ، واشتراه المشتري بتوقّع إجازة المالك ، واتّفق أنّه لم يجزه ورجع على المشتري وانتزع عنه المبيع.
الثانية : ما لو قبض البائع الثمن بلا إقباض من المشتري اختياراً إمّا قهراً عليه أو بخفية أو بحيلة اخرى.
الثالثة : ما لو شرط المشتري على البائع رجوعه عليه بثمنه لو رجع المالك عليه بانتزاع المبيع.
الرابعة : ما لو شرط المشتري لنفسه خيار الفسخ.
فهو في جميع هذه يستحقّ الرجوع بثمنه مطلقاً لأنّه لم يدفعه إليه فيها مجّاناً ولم يسلّطه على إتلافه بلا عوض. ولا ينافي هذا الاستثناء إطلاق الجماعة الحكم بعدم الرجوع مع التلف ، لأنّ إطلاقهم منزّل على ما عدا الصور المذكورة ، بل بمقتضى دليلهم