طالبني بالمال ورّاثه وحاكموني وأخرجوا بذلك الذكر بالحقّ وأقاموا العدول فشهدوا عند الحاكم فأُخذت بالمال وكان المال كثيراً فتواريت عن الحاكم ، فباع عليّ قاضي الكوفة معيشة لي وقبض القوم المال ، وهذا رجل من إخواننا ابتلي بشراء معيشتي ، ثمّ إنّ ورثة الميّت أقرّوا أنّ المال كان أبوهم قد قبضه وقد سألوه أن يردّ عليّ معيشتي ويعطونه الثمن في أنجم معلومة ، فقال : إنّي احبّ أن أسأل أبا عبد الله عليهالسلام عن هذا ، فقال الرجل ـ يعني المشتري ـ جعلني الله فداك كيف أصنع؟ فقال : تصنع أن ترجع بمالك على الورثة وتردّ المعيشة إلى صاحبها وتخرج يدك عنها ، قال : فإذا أنا فعلت ذلك له أن يطالبني بغير هذا؟ قال : نعم له أن يأخذ منك ما أخذت من الغلّة من ثمن الثمار ، وكلّ ما كان مرسوماً في المعيشة يوم اشتريتها يجب أن تردّ ذلك ، إلّا ما كان من زرع زرعته أنت فإنّ للزارع إمّا قيمة الزرع ، وإمّا أن يصبر عليك إلى وقت حصاد الزرع ، فإن لم يفعل كان ذلك له ، وردّ عليك القيمة وكان الزرع له ، قلت : جعلت فداك فإن كان هذا قد أحدث بناءً أو غرساً؟ قال : له قيمة ذلك ، أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه ويأخذه ، قلت : أرأيت إن كان فيها غرس أو بناء فقلع الغرس وهدم البناء؟ قال : يردّ ذلك إلى ما كان أو يغرم القيمة لصاحب الأرض ، فإذا ردّ جميع ما اخذ من غلّاتها إلى صاحبها وردّ البناء والغرس وكلّ محدث إلى ما كان أو ردّ القيمة كذلك يجب على صاحب الأرض أن يردّ عليه كلّ ما خرج منه في إصلاح المعيشة من قيمة غرس أو بناء أو نفقة في مصلحة المعيشة ، ودفع النوائب عنها كلّ ذلك فهو مردود إليه ...» (١) الخ (٢).
المرحلة الثانية : فيما حصل له في مقابله نفع ـ كأُجرة المنافع المستوفاة من سكنى دار وركوب دابّة ، واستخدام جارية واستيفاء بضعها وقيمة النماءات المنتفع بها من لبن وصوف وثمرة ونحوها ـ ففي رجوعه على البائع وعدمه قولان :
أحدهما : أنّه لا يرجع ، وهو للشيخ في الخلاف (٣) وموضع من المبسوط (٤) والآبي في كشف الرموز (٥) على ما نسب إليهم ، وهو ظاهر الحلّي أيضاً في السرائر حيث قال :
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٣٤٠ / ١ ، ب ٣ عقد البيع وشروطه.
(٢) «الخ» والظاهر أنّه لا وجه له ، لأنّ الحديث مذكور بتمامه.
(٣) الخلاف ٣ : ٤١٠ مسألة ٢٣.
(٤) المبسوط ٣ : ٧١.
(٥) كشف الرموز ٢ : ٣٨٤.