ولا يرجع هو. هكذا وجّهه شيخنا في الجواهر (١) في باب الغصب.
واعترض عليه شيخنا الآخر أوّلاً : بأنّه لا وجه للفرق بين من تلف المال بيده وبين غيره في الخطاب بجعله في الأوّل ذمّياً وفي الثاني شرعيّاً ، والمفروض أنّه لا خطاب فيهما إلّا خبر «على اليد ما أخذت» ودلالته على الضمان بالنسبة إليهما على نهج سواء.
وثانياً : بأنّه لا يكاد الفرق بين الخطاب الشرعي بالأداء والخطاب الذمّي.
وثالثاً : بأنّه لا يكاد يعرف خلاف من أحد في كون كلّ من ذوي الأيدي مشغول الذمّة بالمال فعلاً ما لم يسقط بأداء أحدهم أو إبراء المالك ، نظير الاشتغال بغيره من الديون في إجباره على الدفع أو الدفع عنه من ماله ، وتقديمه على الوصايا ، والضرب فيه مع الغرماء ، ومصالحة المالك عنه مع آخر إلى غير ذلك من أحكام ما في الذمّة.
ورابعاً : بأنّ تملّك غير من تلف المال بيده لما في ذمّة من تلف المال في يده بمجرّد دفع البدل لا يعلم له سبب اختياري ولا قهري ، بل المتّجه سقوط حقّ المالك عمّن تلف في يده بمجرّد أداء غيره ، لعدم تحقّق موضوع التدارك بعد تحقّق التدارك.
وخامساً : بأنّ اللازم ممّا ذكره أن لا يرجع الغارم فيمن لحقه في اليد العادية إلّا إلى من تلف في يده ، مع أنّ الظاهر خلافه فإنّه يجوز له أن يرجع إلى كلّ واحد ممّن بعده.
نعم لو كان غير من تلف بيده فهو يرجع إلى أحد لواحقه إلى أن يستقرّ على من تلف في يده (٢).
ووجّهه شيخنا المعترض بما ملخّصه مع تحرير منّا : بأنّ كلّ واحد من اللواحق يضمن لشخصين على البدل : أحدهما المالك فيضمن كلّ واحد له بدل التالف ، والآخر السابق على تقدير رجوع المالك عليه ، فيضمن كلّ واحد له ما دفعه إلى المالك ، فضمانهم للمالك تنجيزي فعلي وللسابق تعليقي لكونه معلّقاً على دفعه البدل إلى المالك ، ولذا لا يجوز له الدفع إليه قبل دفعه إلى المالك ، كما أنّ المضمون عنه لا يدفع إلى الضامن قبل دفع الضامن إلى المالك.
وإن شئت عين عبارته فلاحظ قوله : «إنّ الوجه في رجوعه هو أنّ السابق اشتغلت
__________________
(١) الجواهر ٣٧ : ٣٤.
(٢) المكاسب ٣ : ٥٠٩ ـ ٥١٠.