أو أنّه ضمان مستقلّ أثبته دليل آخر غير دليل ضمان اليد؟ نظير ضمان السابق الغارّ لكلّ من المالك واللاحق المغرور على تقدير رجوع المالك ، فيضمن للمالك بدل التالف وللّاحق المغرور بما اغترمه للمالك ، وهذا ضمان أثبته قاعدة «أنّ المغرور يرجع على من غرّه» فهو ضامن للمالك بغصبه وللّاحق بتغريره.
فنقول : يمكن أن يقال بأنّه من توابع ضمان اليد المستفاد من خبر «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» بملاحظة الغاية الموجودة فيه ، فإنّ قوله : «على اليد» يدلّ على كون ثقل المال المأخوذ على آخذه ، والغاية تدلّ على استمرار ذلك الثقل إلى غاية الأداء عيناً أو بدلاً على تقدير التلف من الآخذ ، فما لم يؤدّ البدل على تقدير التلف إمّا إلى المالك لو رجع عليه أو إلى السابق المرجوع عليه ، وأيّاً ما كان فلا يخرج عن كونه أداءً للبدل ، غير أنّه في ظرف التحليل على الأوّل كان بدلاً للتالف ، وعلى الثاني بدلاً لبدل التالف ، فما لم يحصل الأداء منه بأحد الوجهين كان الثقل باعتبار خطابه بالأداء باقياً عليه. ولا ينتقض ذلك بأداء المتبرّع أو بإبراء المالك ، لكون كلّ منهما قائماً مقام أدائه مسقطاً لخطابه بالأداء ورافعاً للثقل المذكور عنه.
ويمكن أن يكون ضماناً مستقلّاً ثبت بقاعدة نفي الضرر ، فإنّ ضمان السابق للمالك على تقدير الرجوع عليه مع عدم استحقاقه للرجوع على اللاحق بما دفعه إلى المالك من بدل التالف حتّى على من تلف المال بيده ضرر عليه مسند إلى الله سبحانه حيث حكم بضمانه وعدم استحقاقه ، والضرر منفيّ بعموم قوله عليهالسلام : «لا ضرر ولا ضرار» بناءً على أنّ مفاده نفي مجعوليّة الحكم الضرري الّذي يترتّب عليه ضرر المسلم ، ومعنى نفيه هنا نفي الحكم بعدم استحقاق السابق الدافع لبدل التالف إلى المالك للرجوع إلى اللاحق ، ونفيه إثبات لاستحقاقه وهو المطلوب.
ويمكن أن يستدلّ لهذا الضمان بالأدلّة النافية للظلم عن الله سبحانه من العقل والنقل ، فإنّ حكمه تعالى بضمان السابق المرجوع إليه للمالك ببدل التالف وعدم استحقاقه للرجوع على اللاحق خصوصاً من تلف المال بيده مع عدم كونه غارّاً ولا ضارّاً وعدم تحقّق في يده ظلم عليه ، والظلم قبيح عقلاً ومنفيّ نقلاً بقوله تعالى :