كلّ من يقول بصحّة الفضولي مع الإجازة. وهو الحقّ الّذي لا محيص عنه بناءً على المختار.
فلا ينبغي التكلّم في عنوان هذه المسألة من حيث كون البائع بالنسبة إلى بعض المبيع فضوليّاً ، إذ لا يتفاوت في بحث الفضولي من حيث الصحّة مع الإجازة والبطلان رأساً بين كون العاقد فضوليّاً في الجميع أو في البعض ، وأدلّة القول بالصحّة مع أدلّة القول بالبطلان جاريتان في المقامين ، ولم يعهد قول بالتفصيل من أحد أيضاً. فالمقصود الأصلي في عنوان هذا المقام إنّما هو التكلّم في البيع المذكور بالنسبة إلى مال البائع على تقدير عدم إجازة مالك بعض المبيع في ماله ، وهو من جهات :
الجهة الاولى : في صحّته وفساده بالنسبة إلى البعض الّذي هو مال البائع ، فنقول :
المعروف من مذهب الأصحاب هو القول بالصحّة فيقسّط الثمن على المجموع ويأخذ البائع حصّته منه. وفي الرياض (١) وجواهر (٢) شيخنا نفي الخلاف في الصحّة ، مع استظهار الإجماع عليها في الثاني ، ويظهر دعواه من تذكرة (٣) العلّامة حيث نسب القول بالصحّة إلى علمائنا ، قبالاً للشافعي النافي للصحّة ، بل عن غنية (٤) ابن زهرة دعوى الإجماع عليه صريحاً ، وعن شرح القواعد (٥) للشيخ النجفي الاستدلال عليها بالإجماع محصّلاً ومنقولاً.
ولم نقف على قائل بالبطلان من أصحابنا ولا على من احتمله إلّا المحقّق الأردبيلي ، فاحتمل البطلان فيه على تقدير عدم إجازة المالك ، واحتمله (٦) أيضاً على القول ببطلان الفضولي رأساً ، واستند له إلى أنّ التراضي الّذي هو شرط لصحّة التجارة بحكم آية «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (٧) إنّما حصل في المجموع وهو غير حاصل ، وما حصل من البعض لم يحصل فيه التراضي.
وقضيّة ذلك خروج البيع بالنسبة إلى مال البائع عن المستثنى ودخوله في المستثنى منه ، فيكون أخذ بعض الثمن بإزاء بعض المبيع أكلاً للمال بالباطل. ولأجل ذلك قد
__________________
(١) الرياض ٨ : ٢٢٩.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٣٢٠.
(٣) التذكرة ١٠ : ٢١٨.
(٤) الغنية : ٢٠٩.
(٥) شرح القواعد ٢ : ١١٤.
(٦) مجمع البرهان ٨ : ١٦٢.
(٧) النساء : ٢٩.