كالخرّاز وهو خيّاط الخفّ إذا توقّف خرزه على أن يخيط بشعر الخنزير ، وبالجملة توقّف تماميّة خرز الخفّ على شعره وهذا أخصّ من الحاجة وأعمّ من الضرورة المسوّغة لتناول المحرّم مطلقاً ، ودليل التقييد به من النصوص قول الراوي في بعض الأخبار الآتية قلت له : «إنّي رجل خرّاز لا يستقيم عملنا إلّا بشعر الخنزير نخرز به» (١) فإنّ معنى قوله : «لا يستقيم عملنا إلّا به» أنّه لا يتمّ عملنا إلّا به ، ولذا قال في المسالك بعد ذكر الخبر المشار إليه : وبهذا تمسّك القائل بالجواز مع الضرورة إذا زال دسمه بما ذكر ، وقرينة الضرورة قوله : «لا يستقيم عملنا إلّا به».
وكيف كان فالأخبار الواردة في الباب : خبر الحسن بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قلت : «شعر الخنزير يجعل حبلاً يستقي به من البئر الّتي يشرب منها أو يتوضّأ؟ فقال : لا بأس به» (٢).
وخبر سليمان الإسكاف قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شعر الخنزير يخرز به؟ قال : لا بأس به ، ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلّي» (٣).
وخبر بُرد الإسكاف قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شعر الخنزير يعمل به؟ قال : خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء ويبقى ثلثاه ، ثمّ اجعله في فخّارة جديدة ليلة باردة فإن جمد فلا تعمل به ، وإن لم يجمد فليس له دسم فاعمل به ، واغسل يدك إذا مسسته عند كلّ صلاة ، قلت : ووضوء ، قال : لا ، اغسل يدك كما تمسّ الكلب» (٤).
وخبر بُرد أيضاً قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك إنّا نعمل بشعر الخنزير فربّما نسي الرجل فصلّى وفي يده منه شيء؟ فقال : لا ينبغي أن يصلّي وفي يده منه شيء ، فقال : خذوه فاغسلوه ، فما كان له دسم فلا تعملوا به ، وما لم يكن له دسم فاعملوا به واغسلوا أيديكم منه» (٥).
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢٢٨ / ٣ ، ب ٥٨ ما يكتسب به ، الفقيه ٣ : ٢٢٠ / ١٠٨.
(٢) الوسائل ١ : ١٧١ / ٣ ، ب ١٤ الماء المطلق ، الكافي ٦ : ٢٥٨ / ٣.
(٣) الوسائل ٢٤ : ٢٣٨ / ٣ ، ب ٦٥ الأطعمة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ٨٥ / ٣٥٧.
(٤) الوسائل ١٧ : ٢٢٨ / ٢ ، ب ٥٨ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٨٢ / ١١٣٠.
(٥) الوسائل ٢٤ : ٢٣٧ / ٢ ، ب ٦٥ ما يكتسب به ، التهذيب ٩ : ٨٥ / ٣٥٦.