مكانه الموافق يلزمه فيه غضب الله فكيف بغيره من الأمكنة ، وذلك نحو : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١].
ثم قال : وقول من قال : بؤت بحقها ، أي : أقررت فليس تفسيره بحسب مقتضى اللفظ.
وقولهم : «حيّاك الله وبيّاك» أصله : بوّأك ، وإنما غير للمشاكلة ، قاله خلف الأحمر (١).
وقيل : باءوا : استحقوا ، ومنه قوله تعالى : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) [المائدة: ٢٩] أي : تستحق الإثم جميعا ، ومن قال : إنه الرجوع فلا يقال : باء إلا بشرّ.
قوله : (بِغَضَبٍ) في موضع الحال من فاعل «باءوا» أي : رجعوا مغضوبا عليهم ، وليس مفعولا به ك «مررت بزيد».
وقال الزمخشري : هو من قولك : باء فلان بفلان إذا كان حقيقا بأن يقتل به لمساواته له ومكافأته ، أي : صاروا أحقاء بغضبه. وعلى هذا التفسير ينبغي كون الباء للحال.
قوله : (مِنَ اللهِ) الظاهر أنه في محلّ جر صفة ب «غضب» ، فيتعلّق بمحذوف ، أي : بغضب كائن من الله.
و «من» لابتداء الغاية مجازا.
وقيل : هو متعلّق بالفعل نفسه أي : رجعوا من الله بغضب. وليس بقوي.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ).
«ذلك» مبتدأ أشير به إلى ما تقدّم من ضرب الذّلّة والمسكنة [والخلافة](٢) بالغضب.
و «بأنهم» الخبر ، والباء للسببية ، أي : ذلك مستحقّ بسبب كفرهم.
وقال المهدوي : الباء بمعنى اللام أي : لأنهم ، ولا حاجة إلى هذا ، فإن باء السببية تفيد التّعليل بنفسها.
__________________
(١) خلف بن حيان أبو محرز المعروف بالأحمر راوية عالم بالأدب ، شاعر من أهل البصرة ، كان أبواه موليين من فرغانة ، أعتقهما بلال بن أبي موسى الأشعري قال معمر بن المثنى : خلف الأحمر معلم الأصمعي ومعلم أهل البصرة وقال الأخفش : لم أدرك أحدا أعلم بالشعر من خلف والأصمعي وكان يضع الشعر وينسبه إلى العرب ، قال صاحب مراتب النحويين : وضع خلف على شعرا عبد القيس شعرا كثيرا وعلى غيرهم عبثا به فأخذ ذلك عنه أهل البصرة وأهل الكوفة وله «ديوان شعر» وكتاب «جبال العرب» و «مقدمة في النحو».
ينظر الأعلام : ٢ / ٣١٠ (٣٨١٨) ، بغية الوعاة : ٢٤٢ ، الشعر والشعراء : ٣٠٨ ، نزهة الألبا : ٦٩!.
(٢) في أ : والخلق.