جائز ، كما لا يجوز في الأنبياء أن يبعثوا لتعليم السّحر ، كذلك في الملائكة بطريق الأولى.
وأيضا فإن تعليم السحر كفر بقوله تعالى : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ).
وأيضا فإنما يضاف السحر إلى الكفرة والمردة ، فكيف يضاف إلى الله ـ تعالى ـ ما ينهى عنه؟ والمعنى : أن الشياطين نسبوا السحر إلى ملك سليمان مع أن ملك سليمان كان مبرأ عنه ، فكذلك نسبوا ما أنزل على الملكين إلى السحر ، مع أن المنزل عليهما كانا مبرّأين عن السحر ؛ لأن المنزل عليهما هو الشرع والدين ، وكانا يعلمان الناس ذلك مع قولهما : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) توكيدا لبعثهم على [قبوله](١) والتمسّك به ، فكانت طائفة تتمسّك ، وأخرى تخالف.
قال ابن الخطيب رحمهالله تعالى : والأول أولى ؛ لأن عطف «وما أنزل» على ما يليه أولى من عطفه على ما بعد عنه إلا لدليل ، أما قوله : «لو كان منزلا عليهما لكان منزّله هو الله تعالى».
قلنا : تعريف صفة الشيء قد يكون لأجل الترغيب في إدخاله في الوجود ، وقد يكون لأجل أن يقع الاحتراز عنه ؛ قال : [الهزج]
٦٩٨ ـ عرفت الشّرّ لا للشّر |
|
ر لكن لتوقّيه (٢) |
وقوله : لا يجوز بعثة الأنبياء [لتعليم السحر ، فكذا الملائكة](٣).
قلنا : الغرض من ذلك التعليم التّنبيه على إبطاله.
وقوله : «تعليم السّحر كفر».
قلنا : إنه واقعة حال فيكفي في صدقها سورة واحدة.
وقوله : يضاف السحر للكفرة والمردة.
قلنا : فرق بين العمل والتعليم ، فيجوز أن يكون العمل منبها عنه ، والتعليم لغرض التنبيه على فساده فلا يكون مأمورا به.
والجمهور على فتح لام «الملكين» على أنهما من الملائكة.
وقرأ ابن عباس (٤) وأبو الأسود والحسن والضحاك بكسرها على أنهما رجلان من الناس ، وسيأتي تقريره.
__________________
(١) في ب : القبول.
(٢) ينظر الكشاف : ١ / ٣٠١ ، الفخر الرازي : ٣ / ٢١٨.
(٣) في أ : لتعلمه.
(٤) وبها قرأ ابن أبزى.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٨٦ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٩٧ ، والدر المصون : ١ / ٣٢١.