وهذا الرد إنما يلزم إذا قيل بأن الأمر حقيقة.
أما إذا قيل بأنه على سبيل التمثيل ، وهو [الأصح](١) فلا.
ومثله قول أبي النجم : [الرجز]
٧٥٧ ـ إذ قالت الأنساع للبطن الحقي (٢)
الثالث : أن يكون معطوفا على «كن» من حيث المعنى ، وهو قول الفارسي ، وضعّف أن يكون عطفا على «يقول» ؛ لأن من المواضع ما ليس فيه «يقول» ، كالموضع الثاني في «آل عمران» ، وهو (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ولم ير عطفه على «قال» من حيث إنه مضارع ، فلا يعطف على ماضي ، فأورد على نفسه : [الكامل]
٧٥٨ ـ ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمّت قلت : لا يعنيني (٣) |
__________________
(١) في أ : الصحيح
(٢) ينظر الخصائص : ١ / ٢٤ ، الكشاف : ١ / ١٨١ ، القرطبي : ٢ / ٦٣ ، الدر المصون : ١ / ٣٥٤.
(٣) البيت لرجل من سلول ينظر في الدرر : ١ / ٧٨ ، وشرح التصريح : ٢ / ١١ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ٣١٠ ، والكتاب : ٣ / ٢٤ ، والمقاصد النحوية : ٤ / ٥٨ ، ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات : ص ١٢٦ ، ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري : ص ١٧١ ، وينظر الأزهية : ص ٢٦٣ ، والأشباه والنظائر : ٣ / ٩٠ ، والأضداد : ص ١٣٢ ، وأمالي ابن الحاجب : ص ٦٣١ ، وأوضح المسالك : ٣ / ٢٠٦ ، وجواهر الأدب : ص ٣٠٧ ، وخزانة الأدب : ١ / ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣ / ١٠١ ، ٤ / ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٥ / ٢٣ ، ٥٠٣ ، ٧ / ١٩٧ ، ٩ / ١١٩ ، ٣٨٣ ، والخصائص : ٢ / ٣٣٨ ، ٣ / ٣٣٠ ، والدرر : ٦ / ١٥٤ ، وشرح شواهد الإيضاح : ص ٢٢١ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٨٤١ ، وشرح ابن عقيل : ص ٤٧٥ ، والصاحبي في فقه اللغة : ص ٢١٩ ، ولسان العرب (ثمم) ، (منن) ، ومغني اللبيب : ١ / ١٠٢ ، والدر المصون : ١ / ٣٥٤.
إذا كان الخبر جملة اسمية ، وكان المبتدأ الثاني معرفة ـ فالجار والمجرور صفة له ، نحو : السمن منوان بدرهم ؛ وكذا إن كان معرّفا بالألف واللام ، كما في قولك : البرّ الكرّ منه بستين ؛ لأن التعريف غير مقصود قصيده ؛ لأن «أل» فيه جنسية كالتي دخلت على اللئيم في البيت الذي معنا ، فقد أفادت التعريف لفظا ، وهو في المعنى نكرة ، وعلى هذا تعرب جملة «يسبني» حالا ؛ بالنظر إلى اللفظ ، وصفة ؛ بالنسبة للمعنى ، وهو أولى من جعلها حالا ؛ لأنه أظهر للمقصود ، وهو التمدح بالوقار والتجمل ؛ لأن المعنى أمر على لئيم عادته سبي.
كما يؤيد هذا ما ذهب إليه الجمهور ، وأن النكرة لا تنعت بمعرفة ، وكذلك المعرفة لا تنعت بنكرة ، وأجاز الأخفش نعت النكرة إذا خصّصت بالمعرفة ، وجعل (الأوليان) صفة ل «آخران» في قوله تعالى : «فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ» (المائدة : ١٠٧).
وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة مطلقا ، وأجازه ابن الطراوة بشرط كون الوصف خاصّا بذلك الموصوف كقول الشاعر :
أبيت كأني ساورتني ضئيلة |
|
من الرقش في أنيابها السمّ ناقع |
وأجاز بعض الكوفيين وصف النكرة بالمعرفة فيما فيه مدح أو ذم ؛ استشهادا بقوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالاً) الهمزة ١ ، ٢ ، والصحيح مذهب الجمهور ، وما أوهم خلاف ذلك مؤوّل ـ