و «جعل» بمعنى صير ، فيتعدّى لاثنين ، فالضمير مفعول أول ، و «أمة» مفعول ثان ووسطا نعته.
والوسط بالتحريك : اسم لما بين الطرفين ، ويطلق على خيار الشيء ؛ لأن الأوساط محميّة بالأطراف ؛ قال حبيب : [البسيط]
٨٢١ ـ كانت هي الوسط المحميّ فاكتنفت |
|
بها الحوادث حتّى أصبحت طرفا (١) |
ووسط الوادي خير موضع فيه ؛ قال زهير : [الطويل]
٨٢٢ ـ هم وسط ترضى الأنام بحكمهم |
|
إذا نزلت إحدى البلايا بمفضل (٢) |
[وقال آخر : [الرجز]
٨٢٣ ـ كن من النّاس جميعا وسطا (٣)(٤)
وقال تعالى : (قالَ أَوْسَطُهُمْ) [القلم : ٢٨] أي أعدلهم.
[وروى القفال عن الثورى عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم وشرف وبجل وعظم وكرم «أمّة وسطا» ؛ قال : «عدلا» (٥).
وقال عليه صلوات الله وسلامه : «خير الأمور أوسطها» (٦) ؛ أي : أعدلها. وقيل : كان النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أوسط قريش نسبا.
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : «عليكم بالنّمط الأوسط» (٧).
قال الجوهري في الصحاح : «أمة وسطا» أي : عدلا ، وهو الذي قاله الأخفش ، والخليل ، وقطرب ، فالقرآن والحديث والشعر يدلون على أن الوسط : خيار الشيء](٨).
وأما المعنى فمن وجوه :
__________________
(١) ينظر ديوانه : (١٩٢) ، الكشاف : ١ / ٣١٧ ، الدر المصون : ١ / ٣٩٢.
(٢) البيت ليس في ديوان زهير. ينظر البحر المحيط : ١ / ٥٩١ ، الطبري : ٣ / ١٤٢ ، القرطبي : ٢ / ١٠٤ ، الدر المصون : ١ / ٣٩٣.
(٣) ينظر القرطبي : ٢ / ١٠٤ ، البحر المحيط : ١ / ٥٩١ ، والدر المصون : ١ / ٣٩٣.
(٤) سقط في ب.
(٥) أخرجه البخاري (٣٣٣٩) باب قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) * ، وفي «الاعتصام» (٧٣٤٩) باب (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) ، وأحمد (٣ / ٣٢ ، ٥٨) والترمذي (٢٩٦٥) وابن ماجه (٤٢٨٤) والطبري في «التفسير» (٣ / ١٤٣) وابن حبان (١٧١٩ ـ موارد) وأبو يعلى (٢ / ٣٩٧) رقم (٣٩٧) والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص ٢١٦.
(٦) أخرجه البيهقي (٣ / ٢٧٣) وانظر كشف الخفا للعجلوني (١ / ٤٦٩).
(٧) ذكره الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء» (١ / ٨١) وقال : أخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» موقوفا على علي بن أبي طالب ولم أجده مرفوعا.
(٨) سقط في ب.