أنّه منع منه كون المبتدأ نكرة ، والخبر معرفة ، وهو ممنوع إلّا في ضرائر (١) الشّعر في بعض الأبواب.
واستشكل الشّيخ أبو حيّان (٢) كونه بدلا من «إله».
[قال : لأنّه لم يمكن تكرير العامل ؛ لا نقول : «لا رجل إلّا زيد» والذي يظهر أنه ليس بدلا من «إله» (٣)] ولا من «رجل» في قولك : «لا رجل إلّا زيد» ، إنما هو بدل من الضّمير المستكنّ في الخبر [المحذوف ، فإذا قلنا : لا رجل إلّا زيد ، فالتقدير : «لا رجل كائن ، أو موجود إلّا زيد» ، ف «زيد» بدل من الضمير المستكنّ في الخبر](٤) لا من «رجل» ، فليس بدلا على موضع اسم «لا» ، وإنّما هو بدل مرفوع من ضمير مرفوع ، وذلك الضّمير هو عائد على اسم «لا» ، ولو لا تصريح النّحويّين : أنّه بدل على الموضع من اسم «لا» ، لتأوّلنا كلامهم على ما تقدّم تأويله.
قال شهاب الدين (٥) : والّذي قالوه غير مشكل ؛ لأنهم لم يقولوا : هو بدل من اسم «لا» على اللّفظ ؛ حتى يلزمهم تكرير العامل ، وإنّما كان يشكل لو أجازوا إبداله من اسم «لا» على اللّفظ ، وهم لم يجيزوا ذلك لعدم تكير العامل ، ولذلك منعوا وجه البدل في قولهم «لا إله إلّا الله» وجعلوه انتصابا على الاستثناء ، وأجازوه في قولك : «لا رجل في الدّار إلّا صاحبا لك» لأنّه يمكن فيه تكرير العامل.
قوله تعالى : (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون بدلا من «هو» بدل ظاهر من مضمر ، إلا أن هذا يؤدّي إلى البدل بالمشتقّات وهو قليل ؛ ويمكن أن يجاب بأنّ هاتين الصفتين جرتا مجرى الجوامد ولا سيّما عند من يجعل [الرّحمن](٦) علما ، وقد تقدّم تحقيقه في «البسملة».
الثاني : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو الرّحمن ، وحسّن حذفه توالي اللفظ ب «هو» مرّتين.
الثالث : أن يكون خبرا ثالثا لقوله : (وَإِلهُكُمْ) أخبر عنه بقوله : (إِلهٌ واحِدٌ) وبقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وبقوله : «الرّحمن الرّحيم» ، وذلك عند من يرى تعدّد الخبر مطلقا.
الرابع : أن يكون صفة لقوله «هو» ، و [ذلك](٧) عند الكسائيّ ؛ فإنّه يجيز وصف الضّمير الغائب بصفة المدح ، فاشترط في وصف الضّمير هذين الشّرطين : أن يكون غائبا ، وأن تكون الصفة صفة مدح ؛ وإن كان ابن مالك أطلق عنه جواز وصف ضمير
__________________
(١) في أ : ضرورة.
(٢) ينظر البحر المحيط : ١ / ٦٣٧.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر الدر المصون : ١ / ٤١٩.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.