٨٧٨ ـ ثلاثة أحباب فحبّ علاقة |
|
وحبّ تملّاق وحبّ هو القتل (١) |
والحبّ مصدر مضاف لمنصوبه ، والفاعل محذوف ، تقديره : كحبّهم الله أو كحبّ المؤمنين الله ؛ بمعنى : أنّهم سوّوا بين الحبّين : حبّ الأنداد ، وحبّ الله.
وقال ابن عطيّة : «حبّ» : مصدر مضاف للمفعول في اللّفظ ، وهو في التقدير مضاف للفاعل المضمر ، يريد به : أنّ ذلك تقديره : كحبّكم الله أو كحبّهم الله ، حسبما قدّر كلّ وجه منهما فرقة انتهى.
وقوله : «للفاعل المضمر» يريد به أنّ ذلك الفاعل من جنس الضمائر ، وهو «كم» أو «هم» أو يسمّى الحذف إضمارا وهو اصطلاح شائع ولا يريد أنّ الفاعل مضمر في المصدر كما يضمر في الأفعال ؛ لأنّ هذا قول ضعيف لبعضهم ؛ مردود بأن المصدر اسم جنس واسم الجنس لا يضمر فيه لجموده.
وقال الزمخشريّ : «كحبّ الله» كتعظيم الله ، والخضوع ، أي : كما يحبّ الله ؛ على أنه مصدر مبنيّ من المفعول ، وإنما استغني عن ذكر من يحبّه ؛ لأنه غير ملتبس انتهى.
أما جعله المصدر من المبنيّ للمفعول ، فهو أحد الأقوال الثلاثة ؛ أعني : الجواز مطلقا.
والثاني : المنع مطلقا ، وهو الصحيح.
والثالث : [التفصيل بين الأفعال التي لم تستعمل إلّا مبنيّة للمفعول ، فيجوز ؛ نحو : عجبت من جنون](٢) زيد بالعلم ، ومنه الآية الكريمة ؛ فإنّ الغالب من «حبّ» أن يبنى للمفعول وبين غيرها ، فلا يجوز ، واستدلّ من أجازه مطلقا بقول عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرّف ، وكرّم ، ومجّد ، وبجّل وعظّم ـ عن قتل الأبتر ، وذو الطّفيتين (٣) برفع «ذو» ؛ عطفا على محل «الأبتر» ؛ لأنّه مفعول لم يسمّ فاعله تقديرا ، أي : أن يقتل الأبتر ، ولتقرير هذه الأقوال موضع غير هذا.
وقد رد الزّجّاج تقدير من قدّر فاعل المصدر «المؤمنين» أو ضميرهم.
وقال «ليس بشيء» والدليل على نقضه قوله بعد : «والّذين آمنوا أشدّ حبّا لله» ورجّح أن يكون فاعل المصدر ضمير المتّخذين ، أي : يحبّون الأصنام ، كما يحبّون الله ؛ لأنّهم اشركوها مع الله ، فسوّوا بين الله تعالى ، وبين أوثانهم في المحبّة ، وهذا الذي قاله الزّجّاج واضح ؛ لأن التسوية بين محبّة الكفّار لأوثانهم ، وبين محبّة المؤمنين لله ينافي
__________________
(١) ينظر شرح المفصل : ٦ / ٤٧ ، ٤٨ ، ٩ / ١٥٧ ، ولسان العرب (ملق) ، ومجالس ثعلب : ١ / ٢٩ ، والدر المصون : ١ / ٤٢٧.
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه النسائي (٥ / ١٨٩) كتاب الحج باب قتل الوزغ (٢٨٣١) وأحمد (٢ / ١٤٦) عن عائشة مرفوعا.