«خطوات» ، بفتح الخاء ، والطاء ، وقرأ عليّ (١) وقتادة ، والأعمش بضمّها ، والهمز.
فأما قراءة (٢) الجمهور ، والأولى من قراءتي أبي السّمّال ؛ فلأن «فعلة» الساكنة العين ، السّالمتها ، إذا كانت اسما ، جاز في جمعها بالألف والتاء ثلاثة أوجه ، وهي لغات مسموعة عن العرب : السّكون ، وهو الأصل ، والإتباع ، والفتح في العين ، تخفيفا.
وأما قراءة أبي السّمّال التي نقلها ابن عطيّة ، فهي جمع «خطوة» بفتح الخاء ، والفرق بين الخطوة بالضّمّ ، والفتح : أنّ المفتوح : مصدر دالّ على المرّة ، من : خطا يخطو ، إذا مشى ، والمضموم : اسم لما بين القدمين ؛ كأنّه اسم للمسافة ؛ كالغرفة اسم للشيء المغترف.
وقيل : إنّهما لغتان بمعنى واحد ذكره أبو البقاء (٣).
وأمّا قراءة عليّ ، ففيها تأويلان :
أحدهما ـ وبه قال الأخفش ـ : أنّ الهمزة أصل ، وأنّه من «الخطأ» ، و «خطؤات» جمع «خطأة» إن سمع ، وإلّا فتقديرا ، وتفسير مجاهد إياه ب «الخطايا» يؤيّد هذا ، ولكن يحتمل أن يكون مجاهد فسّره بالمرادف.
والثاني : أنه قلب الهمزة عن الواو ؛ لأنّها جاورت الضمّة قبلها ؛ فكأنها عليها ؛ لأنّ حركة الحرف بين يديه على الصّحيح ، لا عليه.
فصل
قال ابن السّكّيت ـ فيما رواه عن اللّحيانيّ ـ الخطوة والخطوة بمعنى واحد ، وحكى عن الفرّاء الخطوة ما بين القدمين ؛ كما يقال : حثوت حثوة ، والحثوة : اسم لما تحثّيت ، وكذلك غرفت غرفة ، والغرفة : هو الشيء المغترف بالكفّ ، فيكون المعنى : لا تتّبعوا سبيله ، ولا تسلكوا طريقه ؛ لأنّ الخطوة اسم مكان (٤).
قال الزّجّاج وابن قتيبة : خطوات الشّيطان طرقه ، وإن جعلت الخطوة مصدرا ، فالتقدير : لا تأتمّوا به ، ولا تتّبعوا أثره ، والمعنى : أن الله تعالى ، زجر المكلّف عن تخطّي الحلال إلى الشّبه ؛ كما زجره عن تخطّيه إلى الحرام ، وبيّن العلّة في هذا التحذير ، وهو كونه عدوّا مبينا ، أي : متظاهرا بالعداوة ؛ وذلك لأنّ الشيطان التزم أمورا سبعة في العداوة :
أربعة منها في قوله تعالى : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) [النساء : ١١٩].
__________________
(١) ينظر المصادر السابقة.
(٢) ينظر المصادر السابقة.
(٣) ينظر الإملاء لأبي البقاء : ١ / ٧٥.
(٤) ينظر تفسير الرازي : ٥ / ٤.