وثلاثة منها في قوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) [الأعراف : ١٦ ، ١٧] فلمّا التزم هذه الأمور ، كان عدوا متظاهرا بالعدواة ، وقد أظهر عداوته بإبائه السّجود لآدم ، وغروره إيّاه ؛ حتّى أخرجه من الجنّة.
قوله : «إنّه لكم» قال أبو البقاء (١) : إنّما كسر الهمزة ؛ لأنّه أراد الإعلام بحاله ، وهو أبلغ من الفتح ؛ لأنه إذا فتح الهمزة ، صار التقدير : لا تتّبعوه ؛ لأنّه عدوّ لكم ، واتباعه ممنوع ، وإن لم يكن عدوّا لنا ، مثله : [منهوك الرجز]
٨٨٩ ـ أ ـ لبّيك ، إنّ الحمد لك
كسر الهمزة أجود ؛ لدلالة الكسر على استحقاقه الحمد في كلّ حال ، وكذلك التلبية. انتهى.
يعني أن الكسر استئناف محض فهو إخبار بذلك ، وهذا الذي قاله في وجه الكسر لا يتعيّن ؛ لأنّه يجوز أن يراد التعليل مع كسرة الهمزة ؛ فإنّهم نصّوا على أنّ «إنّ» المكسورة تفيد العلّة أيضا ، وقد ذكر ذلك في هذه الآية بعينها ؛ كما تقدم آنفا ، فينبغي أن يقال : قراءة الكسر أولى ؛ لأنّها محتملة للإخبار المحض بحاله ، وللعلّيّة ؛ وممّا يدلّ على أنّ المكسورة تفيد العلّيّة قوله ـ عليهالسلام ـ في الرّوثة «إنّها رجس» وقوله في الهرّة : «إنّها ليست بنجس ؛ إنّها من الطّوّافين عليكم»(٢).
وقوله : «لا تنكح المرأة على عمّتها ، ولا على خالتها ؛ إنّكم إذا فعلتم ذلك ، قطّعتم أرحامكم» (٣).
وأما المفتوحة : فهي نصّ في العلّيّة ، لأنّ الكلام على تقدير لام العلّة.
__________________
(١) ينظر الإملاء لأبي البقاء : ١ / ٧٥.
(٢) أخرجه أبو داود (٧٥) كتاب الطهارة باب سؤر الهرة والترمذي (٩٢) كتاب الطهارة باب سؤر الهرة وابن ماجه (٣٦٧) والنسائي (١ / ٥٥ ، ١٧٨) وأحمد (٥ / ٣٠٣ و ٣٠٩) والشافعي في «الأم» (١ / ٨) وابن أبي شيبة (١ / ٣١) وعبد الرزاق (٣٥٢ و ٣٥٣) والبغوي في «شرح السنة» (٢ / ٦٩) رقم (٢٨٦) والدارمي (١ / ١٨٨) والدارقطني (١ / ٦٩ ـ ٧٠) وابن حبان (١٢١ ـ زوائد) وابن خزيمة (١٠٢ ، ١٠٤) والحاكم (١ / ١٥٩) والبيهقي (١ / ٢٤٥) والحميدي (٤٣٠) والطحاوي في «شرح المعاني» (١ / ١٨) وفي «مشكل الآثار» (٣ / ٢٧٠) وابن عبد البر (١ / ٣١٨ ، ٣٢١ ، ٣٢٣) عن عائشة مرفوعا.
وذكره الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (١ / ٤١) وقال : وصححه البخاري والترمذي والعقيلي والدارقطني.
(٣) أخرجه مسلم كتاب النكاح باب ٤ رقم ٣٧ ، ٣٨ والنسائي (٦ / ٩٨ ، ٩٨) وابن ماجه (١٩٢٩ ، ١٩٣١) وأحمد (١ / ٧٨) ، (٢ / ١٧٨) والبيهقي (٥ / ٣٤٥) (٦ / ١٦٦) ، (٧ / ١٦٥ ـ ١٦٦) ، (٨ / ٣٠) وابن أبي شيبة (٤ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧) وعبد الرزاق (١٠٧٥٨) والطبراني (٧ / ٢٦) ، (١١ / ٣٠٢) ، وابن عساكر (٥ / ٤٦٠) وأبو نعيم في «الحلية» (٦ / ٣٠٧).