موصوفة ، وأنّ معناها التعجّب ، فإذا قلت : «ما أحسن زيدا» ، فمعناه : شيء صيّر زيدا حسنا.
الثاني : قول الفراء (١) ـ رحمهالله تعالى ـ أنّها استفهاميّة صحبها معنى التعجّب ؛ نحو (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ).
قال عطاء ، والسّدّيّ : هو «ما» الاستفهام ، معناه : ما الّذي صبّرهم على النّار؟ وأيّ شيء صبّرهم على النّار ؛ حتى تركوا الحقّ ، واتبعوا الباطل (٢).
قال الحسن ، وقتادة : «والله ما لهم عليها من صبر ، ولكن ما أجرأهم على العمل الّذي يقرّبهم إلى النار» (٣) وهي لغة يمنية معروفة.
قال الفراء : أخبرني الكسائيّ قال : أخبرني قاضي «اليمن» أنّ خصمين اختصما إليه فوجبت اليمين على أحدهما ، فحلف ، فقال له صاحبه : ما أصبرك على الله؟ أي : ما أجرأك عليه (٤).
وحكى الزّجّاجّ : ما أبقاهم على النّار ، من قولهم : «ما أصبر فلانا على الحبس» ، أي : ما أبقاه فيه (٥).
والثالث : ويعزى للأخفش (٦) [أنّها موصولة.
الرابع : ويعزى له أيضا : أنها نكرة موصوفة وهي على الأقوال الأربعة في محلّ رفع بالابتداء ، وخبرها على القولين الأولين : الجملة الفعليّة بعدها ، وعلى قولي الأخفش](٧) : يكون الخبر محذوفا فإنّ الجملة بعدها إما أن تكون صلة ، أو صفة. وكذلك اختلفوا في أفعل الواقع بعدها ، أهو اسم؟ وهو قول الكوفيّن ، أم فعل؟ وهو الصحيح ، ويترتّب على هذا الخلاف خلاف في نصب الاسم بعده ، هل هو مفعول به ، أو مشبّه بالمفعول به ، ولكلّ من المذهبين دلائل ، واعتراضات وأجوبة ليس هذا موضعها.
والمراد بالتعجّب هنا ، وفي سائر القرآن : الإعلام بحالهم ؛ أنّها ينبغي أن يتعجّب منها ، وإلا فالتعجب مستحيل في حقّه تعالى ، ومعنى على النّار ، أي : على عمل أهل النار ، قاله الكسائيّ ، وهذا من مجاز الكلام.
الخامس : أنّها نافية ، أي : «فما أصبرهم الله على النّار». نقله أبو البقاء (٨).
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٠٣.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٣١) عن قتادة ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٠٩).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٣٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٠٩) وزاد نسبته لسفيان ابن عيينة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في «الحلية».
(٤) ينظر : القرطبي ٢ / ١٥٩.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٥٩.
(٦) ينظر : معاني القرآن للأخفش ١ / ١٥٥.
(٧) سقط في ب.
(٨) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٧٧.