وقال [عليّ : لأن أوصي بالخمس أحبّ إليّ من أن أوصي بالربع ، ولأن أوصي بالربع أحبّ إليّ من أن أوصي بالثّلث ، فلم أوصى بالثّلث ، فلم يترك»](١).
وقال الحسن : نوصي بالسّدس ، أو الخمس ، أو الرّبع.
وقال الفارسيّ : إنما كانوا يوصون بالخمس والرّبع.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز أن يوصي بأكثر من الثّلث ، إلّا أصحاب الرأي ، فإنهم قالوا : إن لم يترك الوصيّ ورثة ، جاز له أن يوصي بماله كله.
وقالوا : إنّما جاز الاقتصار على الثّلث في الوصيّة ؛ لأجل أن يدع ورثته أغنياء.
قوله «حقّا» في نصبه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون نعتا لمصدر محذوف ، ذلك المصدر المحذوف : إما مصدر «كتب» ، أو مصدر «أوصى» ، أي : «كتبا حقّا» أو «إيصاء حقّا».
الثاني : أنه حال من المصدر المعرّف المحذوف ، إما مصدر «كتب» ، أو «أوصى» ؛ كما تقدّم.
الثالث : أن ينتصب على أنّه مؤكّد لمضمون الجملة ؛ فيكون عامله محذوفا ، أي : حقّ ذلك حقّا ، قاله الزّمخشريّ ، وابن عطيّة ، وأبو البقاء (٢).
قال أبو حيّان (٣) : وهذا تأباه القواعد النّحويّة ؛ لأن ظاهر قوله (عَلَى الْمُتَّقِينَ) أن يتعلّق ب «حقّا» أو يكون في موضع الصفة له ، وكلا التقديرين لا يجوز.
أما الأول ؛ فلأنّ المصدر المؤكّد لا يعمل ، وأما الثاني ؛ فلأنّ الوصف يخرجه عن التّأكيد.
قال شهاب الدّين (٤) : وهذا لا يلزمهم ؛ فإنهم ، والحالة هذه ، لا يقولون : إنّ (عَلَى الْمُتَّقِينَ) متعلّق به ، وقد نصّ على ذلك أبو البقاء ـ رحمهالله ـ ؛ فإنه قال : وقيل : هو متعلّق بنفس المصدر ، وهو ضعيف ؛ لأنّ المصدر المؤكّد لا يعمل ، وإنّما يعمل المصدر المنتصب بالفعل المحذوف ، إذا ناب عنه ؛ كقولك «ضربا زيدا» ، أي : «اضرب» إلّا أنه جعله صفة ل «حقّ» فهذا يرد عليه ، وقال بعض المعربين : إنه مؤكد لما تضمّنه معنى المتقين : كأنّه قيل «على المتّقين حقّا» ؛ كقوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال : ٧٤]
__________________
ـ والنسائي كتاب الوصية باب ٣ وابن ماجه (٢٧٠٨ ، ٢٧١١ ، ٣٩٠٨) وأحمد (١ / ١٦٨ ، ١٧١ ، ٢١٧ ، ١٧٣ ، ١٧٤) والبيهقي (٦ / ٢٦٨) ، (٩ / ٢٨) والدارمي (٢ / ٤٠٧) والطبراني في «الكبير» (١٠ / ٣٦١) وابن خزيمة (٢٣٥٥) والحميدي (٦٦ ، ٥٢١) وابن أبي شيبة (١١ / ١٩٩) والبخاري في «الأدب المفرد» (٤٩٩ و ٥٢٠) وابن عساكر (٦ / ٩٥ ، ١٠٣ ـ تهذيب).
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٧٩.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٢٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ١ / ٤٥٦.