أحدهما : أنّ أمر المخاطب بالمضارع مع لامه لغة قليلة ، نحو : لتقم يا زيد ، وقد قرىء (١) شاذّا : فبذلك فلتفرحوا [يونس : ٥٨] بتاء الخطاب.
والثاني : أن القرّاء أجمعوا على كسر هذه اللام ، ولو كانت للأمر ، لجاز فيها الوجهان : الكسر والإسكان كأخواتها.
وقرأ الجمهور «ولتكملوا» مخفّفا من «أكمل» ، والهمزة فيه للتعدية ، وقرأ (٢) أبو بكر بتشديد الميم ، والتضعيف للتعدية أيضا ؛ لأنّ الهمزة والتضعيف يتعاقبان في التعدية غالبا ، والألف واللام في «العدّة» تحتمل وجهين :
أحدهما : أنها للعهد ، فيكون ذلك راجعا إلى قوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وهذا هو الظاهر.
والثاني : أن تكون للجنس ، ويكون ذلك راجعا إلى شهر رمضان المأمور بصومه ، والمعنى: أنكم تأتون ببدل رمضان كاملا في عدّته ، سواء كان ثلاثين أم تسعة وعشرين.
قال ابن الخطيب (٣) : إنما قال : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) ولم يقل : «ولتكملوا الشّهر» ؛ لأنه لما قال : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) دخل تحته عدة أيّام الشهر ، وأيام القضاء ، لتقدّم ذكرهما جميعا ؛ ولذلك يجب أن يكون عدد القضاء مثلا لعدد المقضي ، ولو قال : «ولتكملوا الشّهر» لدل على حكم الأداء فقط ، ولم يدخل حكم القضاء.
واللام في «ولتكبّروا» كهي في «ولتكملوا» فالكلام فيها كالكلام فيها ، إلا أن القول الرابع لا يتأتّى هنا.
قوله : (عَلى ما هَداكُمْ) هذا الجارّ متعلّق ب «تكبّروا» وفي «على» قولان :
أحدهما : أنها على بابها من الاستعلاء ، وإنما تعدّى فعل التكبير بها ؛ لتضمّنه معنى الحمد. قال الزّمخشري : «كأنّه قيل : ولتكبّروا الله حامدين على ما هداكم» قال أبو حيان ـ رحمهالله ـ : «وهذا منه تفسير معنى ، لا إعراب ؛ إذ لو كان كذلك ، لكان تعلّق «على» ب «حامدين» التي قدّرها ، لا ب «تكبّروا» ، وتقدير الإعراب في هذا هو : «ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم» ؛ كما قدّره الناس في قوله : [الرجز]
٩٤٦ ـ قد قتل الله زيادا عنّي (٤)
__________________
(١) ستأتي في يونس ٥٨.
(٢) وكذلك رويت عن أبي عمرو.
انظر : الحجة ٢ / ٢٧٤ ، وحجة القراءات ١٢٦ ، والعنوان ٧٣ ، وشرح الطيبة ٤ / ٩٢ ، وشرح شعلة ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، وإتحاف ١ / ٤٣١.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٧٩.
(٤) تقدم.