بسم الله الرّحمن الرّحيم
(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١٤٢)
قوله : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) فيه قولان :
أحدهما : وهو اختيار القفال أن هذا اللفظ وإن كان للمستقبل ظاهرا ، لكنه قد يستعمل في الماضي أيضا كالرجل يعمل عملا ، فيطعن فيه بعض أعدائه ، فيقول : أنا أعلم أنهم [سيطعنون عليّ فيما فعلت ، ومجاز هذا أن يكون القول فيما يكرر ويعاد](١) ، فإذا ذكروه مرّة ، فسيذكرونه بعد ذلك مرات ، فصحّ على هذا التأويل أن يقال : سيقول السّفهاء من الناس ذلك ، وقد وردت الأخبار أنهم لما قالوا ذلك [نزلت الآية](٢).
[قال القرطبي : «سيقول» بمعنى : قال ؛ جعل المستقبل موضع الماضي ، دلالة على استدامة ذلك](٣) وأنهم يستمرون على ذلك القول.
و «السفهاء» جمع ، واحده سفيه ، وهو الخفيف العقل ، من قولهم : ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج وقد تقدم.
والنساء سفائه. وقال المؤرج : السّفيه : البهات الكاذب المعتمد خلاف ما يعلم.
وقال قطرب : الظلوم الجهول.
القول الثاني : أن الله تعالى أخبر عنهم قبل أن ذكروا هذا الكلام أنهم سيذكرونه وفيه فوائد.
أحدها : أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا أخبر عن ذلك قبل وقوعه ، كان هذا إخبارا عن الغيب فيكون معجزا.
وثانيها : أنه ـ تعالى ـ إذا أخبر عن ذلك أولا ، ثم سمعه منهم ، فإنه يكون تأذيه من هذا الكلام أقلّ مما إذا سمعه فيهم أولا.
وثالثها : أن الله ـ تعالى ـ إذا أسمعه ذلك أولا ، ثم ذكر جوابه معه ، فحين يسمعه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ منهم يكون الجواب حاضرا ، كان ذلك أولى مما إذا سمعه ولا يكون الجواب حاضرا.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.