وقيل : إنّ آدم ـ عليهالسلام ـ علّمه جبريل مناسك الحجّ ، فلمّا وقف بعرفات قال له : أعرفت؟ قال : نعم ، فسمّي عرفات (١).
وقيل : إن الحجاج يتعارفون بعرفات إذا وقفوا (٢).
وقيل : إنّه ـ تبارك وتعالى ـ يتعرّف فيه إلى الحجّاج بالمغفرة والرّحمة (٣).
وروى أبو صالح عن ابن عبّاس ؛ أنّ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ رأى ليلة التّروية في منامه ، أنّه يؤمر بذبح ولده ، فلما أصبح روّى يومه أجمع ، أي : فكّر أمن الله هذه الرّؤيا أم من الشّيطان؟ فسمّي اليوم يوم التّروية. ثم رأى ذلك ليلة عرفة ثانيا ، فلمّا أصبح عرف أنّ ذلك من الله ، فسمي اليوم عرفة (٤).
[وقيل : مشتقّة من العرف ، وهو الرائحة الطيبة].
قال تعالى : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) [محمد : ٦] أي : طيّبها لهم ، فيكون المعنى : أن المذنبين لمّا تابوا في عرفات ، فقد تخلّصوا من نجاسات الذّنوب ، واكتسبوا عند الله رائحة طيّبة.
وقيل : أصله من الصّبر : يقال : رجل عارف ؛ إذا كان صابرا خاشعا ؛ قال ذو الرّمّة في ذلك : [الطويل]
٩٩٩ ـ .......... |
|
عروف لما خطّت عليه المقادر (٥) |
أي : صبور على قضاء الله ـ تعالى ـ فسمّي بهذا الاسم ؛ لخضوع الحاجّ وتذللهم وصبرهم على الدّعاء ، واحتمال الشّدائد لإقامة هذه العبادة.
وقيل : مشتقّة من الاعتراف ؛ لأن الحاجّ إذا وقف اعترف للحقّ بالربوبيّة والجلال والاستغناء ، ولنفسه بالفقر والذّلّة والمسكنة والحاجة.
وقيل : إنّ آدم وحوّاء ـ عليهماالسلام ـ لمّا وقفا بعرفات ، قالا : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) [الأعراف : ٢٣] قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : «الآن عرفتما (٦) أنفسكما».
وقيل : من العرف ، وهو الارتفاع ، ومنه عرف الدّيك ، وعرفات جمع عرفة في الأصل.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ١٧٣) عن ابن عباس موقوفا.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٤٨.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ١٤٨.
(٤) ينظر : «التفسير الكبير» للفخر الرازي ٥ / ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٥) عجز بيت وصدره :
إذا خاف شيئا وقرته طبيعة
ينظر : ديوانه (٢٥٧) ، والقرطبي (٢ / ٢٧٦).
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» ١ / ١١٧ بنحوه ، وعزاه للثعلبي في تفسيره من طريق عكرمة عن ابن عباس.