تعلّق بالفعل كان من صفات الأفعال ، تقديره : والله يرزق رزقا غير حساب ، أي : غير ذي حساب ، أي : أنه لا يحسب ولا يحصى لكثرته ، فيكون في محلّ نصب على أنه نعت لمصدر محذوف ، والباء زائدة.
وإذا تعلّق بالفاعل ، كان من صفات الفاعلين ، والتقدير : والله يرزق غير محاسب بل متفضلا ، أو غير حاسب ، أي : عاد. ف «حساب» واقع موقع اسم فاعل من حاسب ، أو من حسب ، ويجوز أن يكون المصدر [واقعا موقع اسم مفعول من حاسب ، أي : الله يرزق غير محاسب] أي : لا يحاسبه أحد على ما يعطي ، فيكون المصدر في محلّ نصب على الحال من الفاعل ، والباء فيه مزيدة.
وإذا تعلّق بالمفعول ، كان من صفاته أيضا ، والتقدير : والله يرزق من يشاء غير محاسب ، أو غير محسوب عليه ، أي : معدود عليه ، أي : إنّ المرزوق لا يحاسبه أحد ، أو لا يحسب عليه ، أي : لا يعدّ. فيكون المصدر أيضا واقعا موقع اسم مفعول من حاسب أو حسب ، أو يكون على حذف مضاف ، أي : غير ذي حساب ، أي : محاسبة ، فالمصدر واقع موقع الحال والباء ـ أيضا ـ زائدة فيه ، ويحتمل في هذا الوجه أن يكون المعنى أنه يرزق من حيث لا يحتسب ، أي : من حيث لا يظنّ أن يأتيه الرزق ، والتقدير : يرزقه غير محتسب ذلك ، أي : غير ظانّ له ، فهو حال أيضا ، ومثله في المعنى (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق : ٣]. وكون الباء تزاد في الحال ذكروا لذلك شرطا ـ على خلاف في جواز ذلك في الأصل ـ وهو أن تكون الحال منفيّة ، كقوله : [الوافر]
١٠٣٦ ـ فما رجعت بخائبة ركاب |
|
حكيم بن المسيّب منتهاها (١) |
وهذه الحال ـ كما رأيت ـ غير منفية ، فالمنع من الزيادة فيها أولى.
وأمّا وجه عدم الزيادة ، فهو أن تجعل الباء للحال والمصاحبة ، وصلاحية وصف الأشياء الثلاثة ـ أعني الفعل ، والفاعل ، والمفعول ـ بقوله : «بغير حساب» باقية أيضا ، كما تقدّم في القول بزيادتها.
والمراد بالمصدر المحاسبة ، أو العدّ والإحصاء ، أي : يرزق من يشاء ، ولا حساب على الرزق ، أو ولا حساب للرازق ، أو ولا حساب على المرزوق ، وهذا أولى ؛ لما فيه من عدم الزيادة ، التي الأصل عدمها ، ولما فيه من تبعيّة المصدر على حاله ، غير واقع موقع اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، ولما فيه من عدم تقدير مضاف بعد «غير» أي : غير ذي حساب. فإذا هذا الجارّ ، والمجرور متعلّق بمحذوف ؛ لوقوعه حالا من أيّ الثلاثة المتقدّمة شئت ؛ كما تقدّم تقريره ، أي : ملتبسا بغير حساب.
__________________
(١) تقدم برقم ١٥.