إلا أن يكون معناه : أن الفعل في آخر الوقت يوجب العفو عن السيئات السابقة ، وما كان كذلك فلا شك أنه يوجب رضوان الله ، فكان التأخير موجبا للعفو والرضوان ، فكان التأخير أولى.
فالجواب : أنه لو كان كذلك لوجب أن يكون تأخير المغرب أفضل ، وذلك لم يقله أحد ، وأيضا عدم المسارعة إلى الامتثال يشبه عدم الالتفات ، وذلك يقتضي العقاب ، إلّا أنه لما أتى بالفعل بعد ذلك سقط ذلك الاقتضاء ، وأيضا أن تفسير أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يبطل هذا التأويل ، [وروي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه سأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم ومجد وبجل وعظم ـ أي الأعمال أفضل؟ قال : «الصّلاة لميقاتها الأوّل» (١)](٢).
وأيضا قال عليه الصلاة والسلام : «إنّ الرّجل ليصلّي الصّلاة وقد فاته من أوّل الوقت ما هو خير له من أهله وماله» (٣).
وأيضا إنا توافقنا على أن أحد أسباب الفضيلة فيما بين الصّحابة المسابقة إلى الإسلام حتى وقع الخلاف الشّديد بين أهل السّنة وغيرهم أن أبا بكر أسبق إسلاما أم عليّا رضي الله عنهما ، وما ذاك إلا لاتفاقهم على أن المسابقة في الطاعة توجب مزيد الفضل.
[وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة له : «بادروا بالأعمال الصّالحة قبل أن تشتغلوا» والصّلاة من الأعمال الصالحة (٤)](٥).
__________________
(١) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (٤ / ٢٧٤) رقم (١٨٩٨) وأحمد (١ / ٤٥١) والطبراني في «الكبير» (١٠ / ٢٧) والدارقطني (١ / ٢٤٧) وابن أبي شيبة (٨ / ٣٥٢) وأبو نعيم في «تاريخ أصفهان» (٢ / ٣٠١).
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه بلفظ (الصلاة لوقتها) :
البخاري (٩ / ١٩١) ومسلم في الإيمان ١٣٧ وأحمد (١ / ٤١٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٢ ، ٤٤٤) ، (٥ / ٣٦٨) والبيهقي (٢ / ٢١٥) والحاكم (١ / ١٨٨) والطبراني (١٠ / ٢٤) وسعيد بن منصور (٢٣٠٢) وأبو عوانة (١ / ٦٣ ، ٦٤) وابن أبي شيبة (١ / ٣١٦) والطبراني في «الأوسط» (١ / ١٦٤) وأبو نعيم في «الحلية» (٧ / ٢٦٦) والخطيب (٢ / ٤٠١).
وأخرجه بلفظ : الصلاة لأول وقتها :
الترمذي رقم (١٧٠) وأحمد (٦ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٤٤٠) والبيهقي (١ / ٤٣٤) والطبراني (١٠ / ٢٤) والدارقطني (١ / ٢٤٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٢ / ٧٣).
(٢) سقط في ب.
(٣) الحديث ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٧ / ٥١٦) رقم (٢٠٠٣) وعزاه للطبراني عن طلق بن حبيب.
(٤) أخرجه ابن ماجه (١ / ٣٤٣) رقم (١٠٨١). وقال البوصيري في «الزوائد» : إسناده ضعيف. والحديث ذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (١ / ٥١١) و (٢ / ٥). والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٥٤).
وانظر إتحاف السادة المتقين للزبيدي (٨ / ٥٠٦).
(٥) سقط في ب.