وقيل : بالمرض والسبي.
وقال القفال رحمهالله : أما الخوف الشديد فقد حصل لهم عند مكاشفتهم العرب بسبب الدّين ، فكانوا لا يؤمنون قصدهم إياهم واجتماعهم عليهم ، وقد كان من الخوف وقعة «الأحزاب» ما كان ، قال الله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) [الأحزاب : ١١].
وأما الجوع فقد أصابهم في أول مهاجرة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى «المدينة» لقلّة أموالهم ، حتى أنه عليه الصلاة والسلام [كان يشدّ الحجر على بطنه.
وروى أبو الهيثم بن التّيهان أنه ـ عليهالسلام](١) ـ لما خرج التقى بأبي بكر قال : ما أخرجك؟ قال : الجوع ، قال : أخرجني ما أخرجك [وأما نقص الأموال والأنفس ، فقد يحصل ذلك عند محاربة العدوّ ، بأن ينفق ماله في الاستعداد والجهاد ، وقد يقتل ؛ فهناك يحصل النّقص في المال والنفس](٢) وقال الله تعالى : (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ٤١] وقد يحصل الجوع في سفر الجهاد عند فناء الزّاد ؛ قال الله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ١٢٠].
وأما نقص الثمرات فقد يكون بالجدب ، وقد يكون بترك عمارة الضّياع للاشتغال بجهاد الأعداء ، وقد يكون ذلك بالإنفاق على من كان يرد على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الوفود.
قال الشافعي رضي الله عنه : الخوف : خوف الله عزوجل ، والجوع : صيام شهر رمضان ، والنقص من الأموال : بالزكوات والصدقات ، ومن الأنفس بالأمراض ، ومن الثمرات ، موت الأولاد.
قوله تعالى : (وَنَقْصٍ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون معطوفا على «شيء» ، والمعنى : بشيء من الخوف وبنقص.
والثّاني : أن يكون معطوفا على الخوف ، أي : شيء من نقص الأموال.
والأول أولى ؛ لاشتراكهما في التنكير.
قوله : «من الأموال» فيه خمسة أوجه :
أحدها : أن يكون متعلقا ب «نقص» ؛ لأنه مصدر «نقص» ، وهو يتعدّى إلى واحد ، وقد حذف ، أي : ونقص شيء من كذا.
الثّاني : أن يكون في محلّ جرّ صفة لذلك المحذوف ، فيتعلّق بمحذوف ، أي : ونقص شيء كائن من كذا.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.