قوله تعالى : (أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ).
والمصيبة : [كلّ ما يؤذي المؤمن ويصيبه](١) ، يقال : أصابه إصابة ومصابة ومصابا.
والمصيبة : واحدة المصائب.
والمصوبة «بضم الصّاد» مثل المصيبة.
وأجمعت العرب على همز المصائب ، وأصله «الواو» ، كأنّهم شبّهوا الأصلي بالزائد ويجمع على «مصاوب» ، وهو الأصل ، والمصاب الإصابة. قال الشاعر : [الكامل]
٨٤٧ ـ أسليم إنّ مصابكم رجلا |
|
أهدى السّلام تحيّة طلم (٢) |
وصاب السّهم القرطاس يصيبه صيبا لغة في أصابه.
والمصيبة : النّكبة ينكبها الإنسان وإن صغرت ، وتستعمل في الشر.
قوله تعالى : (إِنَّا لِلَّهِ) إنّ واسمها وخبرها في محلّ نصب بالقول ، والأصل : إنّنا بثلاث نونات ، فحذفت الأخيرة من «إنّ» لا الأولى ؛ لأنه قد عهد حذفها ، ولأنها طرف من الأطراف الأولى بالحذف ، لا يقال : إنها لو حذفت الثانية لكانت مخفّفة ، والمخففة لا تعمل على [الأفصح](٣) فكان ينبغي أن تلغى ، فينفصل الضمير المرفوع حينئذ ، إذ لا عمل لها فيه ، فدل عدم ذلك على أن المحذوف النّون الأولى لأن هذا الحذف حذف لتوالي الأمثال لا ذلك الحذف المعهود في «إن» (٤) وأصابتهم مصيبة من التّجانس المغاير ؛ إذ إحدى كلمتي المادّة اسم والأخرى فعل ، ومثله : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) [النجم : ٥٧] (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) [الواقعة : ١].
__________________
(١) في أ : كما تؤذي المؤمن وتصيبه.
(٢) البيت للحارث بن خالد المخزومي ينظر ديوانه : ص ٩١ ، والاشتقاق : ص ٩٩ ، ١٥١ ، والأغاني : ٩ / ٢٢٥ ، وخزانة الأدب : ١ / ٤٥٤ ، والدرر : ٥ / ٢٥٨ ، ومعجم ما استعجم : ص ٥٠٤ ، وللعرجي ينظر ديوانه : ص ١٩٣ ، ودرة الغواص : ص ٩٦ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٥٣٨ ، وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة : ١ / ٢٨٤ ، وشرح التصريح : ٢ / ٦٤ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٨٩٢ ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٥٠٢ ، ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه : ص ٦٦ ، والأشباه والنظائر : ٦ / ٢٢٦ ، وأوضح المسالك : ٣ / ٢١٠ ، وشرح الأشموني : ٢ / ٣٣٦ ، وشرح شذور الذهب : ص ٥٢٧ ، وشرح عمدة الحافظ : ص ٧٣١ ، ومجالس ثعلب : ص ٢٧٠ ، ومراتب النحويين : ص ١٢٧ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٩٤.
(٣) في أ : الصحيح.
(٤) في أ : وقال الكسائي في بعض النّون في «أن» ، و «لام» «لله» والباقون بالتفخيم ، وإنما جازت الإمالة في «هذه» ؛ للكسرة مع كثرة الاستعمال ، حتى صارت بمنزلة الكلمة الواحدة قال الفرّاء والكسائي : لا يجوز إمالة «إنّ» مع غير اسم الله تعالى ، وإنما وجب ذلك ؛ لأن الأصل في الحروف وما جرى مجراها امتناع الإمالة ، وكذلك لا يجوز إمالة «حتى» و «لكن».