واختار أبو عبيدة قراءة التخفيف ، فقال : «سمعنا هذا الشيء في جميع الأحاديث : اليسع ولم يسمّه أحد منهم اللّيسع» ، وهذا لا حجّة فيه ؛ لأنه روى اللفظ بأحد لغتيه ، وإنما آثر الرّواة هذه اللفظة لخفّتها لا لعدم صحّة الأخرى.
وقال الفراء (١) في قراءة التشديد : «هي أشبه بأسماء العجم».
قوله «يونس» : هو يونس بن متى ، وقد تقدم أن فيه ثلاث لغات [النساء : ١٦٣] وكذلك في سين «يوسف» وقوله : «ولوطا» وهو لوط بن هارون ابن أخي إبراهيم.
قوله : (وَكلًّا فَضَّلْنا) كقوله : (كُلًّا هَدَيْنا).
قوله (عَلَى الْعالَمِينَ) استدلّوا بهذه الآية على أن الأنبياء أفضل من الملائكة ؛ لأن «العالم» اسم لكل موجود سوى الله ـ تعالى ـ فيدخل فيه الملائكة. وقال بعضهم (٢) : معناه فضّلناهم على عالمي زمانهم.
قوله : (وَمِنْ آبائِهِمْ) «آبائهم» : فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق بذلك الفعل المقدر ، أي : وهدينا من آبائهم ، أو فضّلنا من آبائهم ، و «من» تبعيضيّة قال ابن عطية (٣) : «وهدينا من آبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم جماعات» ، ف «من» للتبعيض ، والمفعول محذوف.
الثاني : أنه معطوف على «كلّا» ، أي : وفضّلنا بعض آبائهم.
وقدّر أبو البقاء (٤) هذا الوجه بقوله : «وفضلنا كلّا من آبائهم ، وهدينا كلّا من آبائهم». وإذا كانت للتّبعيض دلّت على أن آباء بعضهم كانوا مشركين.
وقوله : «وذرّيّاتهم» ، أي : وذرّيّة بعضهم ، لأن «عيسى» و «يحيى» لم يكن لهما ولد ، وكان في ذرية بعضهم من كان كافرا.
وقوله : (وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ) يجوز أن يعطف على «فضّلنا» ، ويجوز أن يكون مستأنفا وكرر لفظ الهداية توكيدا ، ولأن الهداية أصل كل خير ، والمعنى : اصطفيناهم ، وأرشدناهم إلى صراط مستقيم.
قوله : (ذلِكَ هُدَى اللهِ) المشار إليه هو المصدر المفهوم من الفعل قبله ؛ إما الاجتباء ، وإما الهداية ؛ أي : ذلك الاجتباء هو هدى ، أو ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم هدى الله ، ويجوز أن يكون (هُدَى اللهِ) خبرا ، وأن يكون بدلا من «ذلك» والخبر (يَهْدِي بِهِ) ، وعلى الأول يكون «يهدي» حالا ، والعامل فيه اسم الإشارة ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ، و (مِنْ عِبادِهِ) تبيين أو حال ؛ إما من «من» وإما من عائده المحذوف.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٤٢.
(٢) ينظر : الرازي ١٣ / ٥٤.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣١٨.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥١.