فالجواب : أنه قد تقدّم هذا الوجه ، وجعله مقابلا لهذا ، فلا بد أن يكون هذا غيره ، فإنه قال قبل ذلك : وفي رفعه وجهان :
أحدهما : هو مبتدأ ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : هو (مِنَ النَّخْلِ) ، و (مِنْ طَلْعِها) بدل بإعادة الجار.
قال أبو حيان (١) : وهذا إعراب فيه تخليط.
الخامس : أن يكون مبتدأ محذوف الخبر لدلالة «أخرجنا» عليه ، تقديره : ومخرجه من طلع النخل «قنوان». هذا نص الزمخشري (٢) ، وهو كما قال أبو حيان (٣) لا حاجة إليه ؛ لأن الجملة مستقلّة في الإخبار بدونه.
السادس : أن يكون (مِنَ النَّخْلِ) متعلقا بفعل مقدر ، ويكون (مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ) جملة ابتدائية في موضع المفعول ب «نخرج» وإليه ذهب ابن عطية (٤) ، فإنه قال : (وَمِنَ النَّخْلِ) تقديره : «نخرج من النخل» ، و (مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ) ابتداء خبر مقدم ، والجملة موضع المفعول ب «نخرج».
قال الشيخ (٥) : وهذا خطأ ؛ لأن ما يتعدى إلى مفعول واحد لا تقع الجملة في موضع مفعوله إلا إذا كان الفعل مما يعلق ، وكان في الجملة مانع يمنع من العمل في شيء من مفرداتها على ما شرح في النحو ، و «نخرج» ليس مما يعلّق ، وليس في الجملة ما يمنع من العمل في مفرداتها ؛ إذ لو سلّط الفعل على شيء من مفردات الجملة لكان التركيب : ويخرج من النخل من طلعها قنوان [بالنصب مفعولا به.
وقال أبو حيّان (٦) : ومن قر أ«يخرج منه حبّ متراكب» جاز أن يكون قوله (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ)](٧) معطوفا عليه نحو : ضرب في الدار زيد وفي السوق عمرو أي : إنه يعطف «قنوان» على حب (وَمِنَ النَّخْلِ) على «منه» ، ثم قال : «وجاز أن يكون مبتدأ وخبرا وهو الأوجه».
والقنوان جمع ل «قنو» ، كالصّنوان جمع ل «صنو» والقنو : العذق بكسر العين وهو عنقود النخلة ، ويقال له : الكباسة.
قال امرؤ القيس : [الطويل]
٢٢٦٨ ـ وفرع يغشّي المتن أسود فاحم |
|
أثيث كقنو النّخلة المتعثكل (٨) |
وقال الآخر [الطويل] :
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٣.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٥١.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٣.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٢٧.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٣.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٣.
(٧) سقط في أ.
(٨) تقدم.