وقال ابن عطيّة (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : القرن أن يكون وفاة الأشياخ وولادة الأطفال ، ويظهر ذلك من قوله تعالى : (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) [الأنعام : ٦] فجعله معنى ، وليس بواضح وقيل : القرن : النّاس المجتمعون كما تقدّم ، قلّت السّنون أو كثرت ، واستدلّوا بقوله عليه الصلاة والسلام : «خير القرون قرني» وبقوله : [مجزوء الكامل]
٢١١٠ ـ في الذّاهبين الأوّلي |
|
ن من القرون لنا بصائر (٢) |
وبقول القائل في ذلك : [الطويل]
٢١١١ ـ إذا ذهب القوم الّذي كنت فيهم |
|
وخلّفت في قرن فأنت غريب (٣) |
فأطلقوه على النّاس ليفيد الاجتماع.
ثم اختلف النّاس في كمية القرن حالة إطلاقه على الزّمان ، فالجمهور على أنّه مائة سنة ، واستدلّوا له بقوله عليهالسلام : «تعيش قرنا» ، فعاش مائة سنة ، وقيل : مائة وعشرون سنة ، قاله إياس معاوية ، وزرارة بن أبي أوفى.
وقيل : ثمانون نقله أبو صالح (٤) عن ابن عبّاس.
وقيل : سبعون ؛ قاله الفرّاء (٥).
وقيل : ستّون لقوله عليهالسلام : «معترك المنايا ما بين السّتّين إلى السّبعين» (٦).
وقيل : أربعون ، حكاه محمد بن سيرين ، يرفعه إلى النّبي عليه الصّلاة والسّلام ، وكذلك الزّهراوي أيضا يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : ثلاثون حكاه النّقّاش عن أبي عبيدة (٧) ، كانوا يرون أن ما بين القرنين ثلاثون سنة.
__________________
ـ التحرير لأمير بادشاه ١ / ٧٢ ، ٢ / ٢. كشف الأسرار للنسفي ١ / ٢٢٥ ، حاشية التفتازاني والشريف على المنتهى ١ / ١٣٨ ، شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ١ / ٧٢ ، حاشية نسمات الأسحار لابن عابدين ص ٩٧ ، شرح مختصر المنار للكوراني ص ٥٨ ، الوجيز للكراماستي ص ٨ ، ميزان الأصول للسمرقندي ١ / ٥٢٧ ، تقريب الوصول لابن جزي ص ٧٣ ، إرشاد الفحول للشوكاني ص ٢٥٠ ، نشر البنود للشنقيطي ١ / ٢١ ، الكوكب المنير للفتوحي ص ٣٩ ، التقرير والتحبير لابن أمير الحاج ٢ / ٢.
(١) ينظر تفسير ابن عطية ٢ / ٢٦٩ ، الدر المصون ٣ / ١٢.
(٢) تقدم.
(٣) البيت لأبي العتاهية ينظر : ديوانه (٣٤) ، اللسان (قرن) البحر ٤ / ٧١ ، القرطبي ٦ / ٢٥٢ ، الدر المصون ٣ / ١٢.
(٤) هو أبو صالح السمان ذكوان. ينظر : تهذيب الكمال ١٥ / ١٥٦.
(٥) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٢٨.
(٦) أخرجه الخطيب (٥ / ٤٧٦) والحكيم الترمذي كما في «كنز العمال» (٤٢٦٩٦) من حديث أبي هريرة.
(٧) ينظر مجاز القرآن ١ / ١٨٥ الدر المصون ٢ / ١٢.