والثاني : أنه منصوب بالعذاب ، أي : الذي قام ضميره مقام الفاعل ، قاله أبو البقاء (١) ـ رضي الله عنه ـ. ويلزم منه إعمال المصدر مضمرا ، وقد يقال : يغتفر ذلك في الظروف.
الثالث : قال أبو البقاء (٢) : «إنه حال من الضمير» ـ يعني الضمير الذي قام مقام الفاعل ، وجاز وقوع الحال ظرف زمان ؛ لأنها في معنى لا عن جثّة.
الثاني من الأوجه الأربعة : أن القائم مقام الفاعل ضميره «من» والضمير في «عنه» يعود على العذاب ، والظّرف منصوب ، إمّا ب «يصرف» وإمّا على الحال من هاء «عنه».
والثالث من أوجه العامل في «يومئذ» متعذّر هنا وهو واضح ، والتقدير : أي شخص يصرف هو عن العذاب.
الثالث : أنّ القائم مقام الفاعل «يومئذ» إمّا على حذف مضاف أي : من يصرف عنه فزع أو هول يومئذ ، وإمّا على قيام الظرف دون مضاف ، كقولك : «سير يوم الجمعة» ، وإنما بني «يومئذ» على الفتح لإضافته إلى غير متمكّن (٣) ، ولو قرىء بالرفع لكان جائزا في الكلام ، وقد قرىء: (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) [هود : ٦٦] فتحا وجرا بالاعتبارين ، وهما اعتباران متغايران.
فإن قيل : يلزم على عدم تقدير حذف المضاف إقامة الظّرف غير التام مقام الفاعل ، وقد نصّوا على أنّ الظّرف المقطوع عن الإضافة لا يخبر به ، ولا يقوم مقام فاعل ، ولو قلت : «ضرب قبل» لم يجز ، والظرف هنا في حكم المقطوع عن الإضافة فلا يجوز هنا قيامه مقام الفاعل ، إلّا على حذف مضاف ، فالجواب أن هذا في قوّة الظّرف المضاف ؛ إذ التنوين عوض عنه ، وهذا ينتهض على رأي الجمهور أما الأخفش (٤) فلا ، لأنّ التنوين عنده تنوين صرف والكسر كسر إعراب.
والرابع : أنّ القائم مقامه «عنه» ، والضمير في «عنه» يعود على «من» ، و «يومئذ» منصوب على الظّرف ، والعامل فيه «يصرف» ، ولا يجوز الوجهان الأخيران ، أعني نصبه على الحال ؛ لأن الضمير للجثّه والزّمان لا يقع حالا عنهما ، كما لا يقع خبرا ، وأعني كونه معمولا للعذاب ، إذ ليس هو قائما مقام الفاعل.
والثاني من وجهي (٥) «من» أنها في محلّ نصب بفعل مضمر يفسّره الظاهر بعده ، وهذا إذا جعلنا «عنه» في محلّ نصب بأن يجعل القائم مقام الفاعل : إمّا ضمير العذاب ، وإمّا «يومئذ».
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٧.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في ب : ممكن.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٣.
(٥) في ب : وجهين.