وقال أبو البقاء (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : هنا «إذا» في موضع نصب بجوابها ، وهو «يقول» وليس ل «حتّى» هنا عمل وإنّما أفادت معنى الغاية ، كما لا تعمل في الجمل.
وقال الحوفي : «حتّى» غاية و «يجادلونك» حال ، «ويقول» جواب «إذا» ، وهو العامل في «إذا».
وقال الزمخشري (٢) : [هي](٣) «حتى» التي تقع بعدها الجمل ، والجملة قوله : (إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ) ، و «يجادلونك» في موضع الحال ، ويجوز أن تكون الجارة ، فيكون «إذ جاءوك» في محلّ الجر ، بمعنى «حتّى» وقت مجيئهم ، و «يجادلونك» حال.
وقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) تفسير له ، والمعنى أنه بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنهم يجادلونك ويناكرونك.
وفسّر مجادلتهم بأنهم يقولون : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) قال أبو حيّان (٤) : «وقد وفّق الحوفي ، وأبو البقاء ، وغيرهما للصواب في ذلك» ثمّ ذكر عبارة أبي البقاء والحوفي ، وقال أيضا : و «حتى» إذا وقع بعدهما «إذا» ، يحتمل أن تكون بمعنى «الفاء» ، ويحتمل أن تكون بمعنى «إلى أن» ، فيكون التقدير : فإذا جاءوك يجادلونك يقول ، أو يكون التقدير : وجعلنا على قلوبهم أكنّة ، وكذا إلى أن قالوا : إن هذا إلّا أساطير الأوّلين ، وقد تقدّم أن «يجادلونك» حال من فاعل «جاءوك» ، و «يقول» : إمّا جواب : «إذا» وإمّا مفسّرة للمجيء ، كما تقدّم تقريره.
و «أساطير» فيه أقوال :
أحدها : أنه جمع لواحد مقدّر ، واختلف في ذلك المقدّر ، فقيل : أسطورة ، وقيل : أسطارة ، وقيل : أسطور ، وقيل : أسطار ، وقيل : إسطيرة وقال بعضهم : بل لفظ بهذه المفردات.
والثاني : أنه جمع جمع ف «أساطير» جمع «أسطار» ، و «أسطار» جمع «سطر» بفتح الطاء ، وأمّا «سطر» بسكونها فجمعه في القلّة على «أسطر» ، وفي الكثرة على «سطور» ك «فلس» و «أفلس» و «فلوس».
والثالث : أنه جمع جمع الجمع ف «أساطير» جمع «أسطار» ، و «أسطار» جمع «أسطر» ، و «أسطر» جمع «سطر» وهذا مرويّ عن الزّجّاج ، وليس بشيء ، فإنّ «أسطار» ليس جمع «أسطر» ، بل هما مثالا جمع قلّة.
الرابع : أنه اسم جمع.
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٨.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٤.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٠٣.