منادى مقبل عليه ، ومع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير ويمتنع من ذلك في حق النّبوّة (١).
قال شهاب الدين : أما (٢) الاعتراض الأخير فصحيح نصوا على أن التصغير لا يدخل في الأسماء المعظمة شرعا ، ولذلك يحكى أن ابن قتيبة (لمّا قال) (٣) في المهيمن إنه مصغر من «مؤمن» والأصل : مؤيمن فأبدلت الهمزة هاء قيل له : هذا يقرب من الكفر فليتّق الله قائله (٤).
وتقدمت هذه الحكايات في المائدة (٥) وما قيل فيها. وقد تقدم للزمخشري في «طه» (٦) ما يقرب من هذا البحث (٧) وتقدم كلام الشيخ معه (٨).
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا وأبو السّمّال يس بكسر النون (٩) ، وذلك على أصل التقاء الساكنين ولا يجوز أن يكون حركة إعراب (١٠). (وَالْقُرْآنِ) إما قسم مستأنف إن لم تجعل ما تقدم قسما وإما عطف على ما قبله إن كان مقسما به (١١). وقد تقدم كلام عن الخليل في ذلك أوائل البقرة (١٢) فاعتبره هنا فإنّه حسن جدّا.
__________________
(١) البحر ٧ / ٣٢٣.
(٢) الدر المصون ٤ / ٤٩٣.
(٣) سقط من «ب».
(٤) قال في غريب القرآن : «ومن صفاته المهيمن وهو الشهيد ؛ لأن أهل النظر من أصحاب اللغة يرون أن «مهيمنا» اسم مبنيّ من آمن كما بني (بطيروبيطار) من بطر ... وكان الأصل مؤيمن ، ثم قلبت الهمزة هاء لقرب مخرجها» وهذه العبارة في غريب القرآن ١١ و ١٢ ، وفي اللسان : «ه م ن» : وقال بعضهم : مهيمن معنى مؤيمن ، والهاء بدل من الهمزة كما قالوا هرقت وأرقت وكما قالوا : إياك وهيّاك. قال الأزهري : وهذا على قياس العربية صحيح مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين.
[والبطر معناه الشق]. ونقل السيوطي في الأشباه والنظائر رأي المبرد قال المبرد : بلغني أن ابن قتيبة قال : إن مهيمنا تصغير «مؤمن» ، والهاء بدل من الهمزة ، فوجهت إليه أن اتّق الله فإنّ هذا خطأ يوجب الكفر على من تعمده ، وإنما هو مثل مسيطر. انظر : الأشباه والنظائر ٣ / ١٢٨.
(٥) عند قوله عزوجل : «مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» من الآية ٤٨.
(٦) أي في سورة طه عليهالسلام.
(٧) قال : وإنّ الأصل «طاء» فقلبت همزته هاء أو قلبت ألفا في يطأ فيمن قال : لا هناك المرتع ثم بني عليه الأمر والهاء للسكت. ويجوز أن يكتفى بشطري الاسمين وهما الدالان بلفظهما على المسمّيين والله أعلم بصحة ما يقال : إن «طأها» في لغة عك في معنى يا رجل. الكشاف ٢ / ٥٢٨.
(٨) هذا تمام كلام السمين ويقصد بالشيخ أبا حيان شيخه وأستاذه. انظر : البحر المحيط ٦ / ٢٢٤.
(٩) من القراءات الشاذة ذكرها أبو الفتح في المحتسب ٢ / ٢٠٣ وابن خالويه في مختصره ١٢٤ ، والفراء ٢ / ٣٧١.
(١٠) والكلام بني على الإدراج فلا يجوز إذا كسرنا أو فتحنا ، لأن الكلام متصل. وهذا معنى كلام ابن جني في المحتسب المرجع السابق.
(١١) الدر المصون ٤ / ٤٩٢ و ٤٩٣ والتبيان ١٠٧٩.
(١٢) ذكر أن هذه أحرف مقطعة محكيّة لا تعرب ، إلا أن تخبر عنها. وموضعها نصب بفعل محذوف تقديره اقرأ أو في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا. وإذا جعلت قسما كان موضعها خفض كما ـ