بيعملوا ، وقوله : كما نفذ في قولك : «ألم يروا إنّ زيدا لمنطلق» يعني أنه لو كان معمولا من حيث اللفظ لامتنع دخول اللام ولفتحت «أن» فإن «إن» التي في خبرها اللام من الأدوات المعلقة لأفعال القلوب ، وقوله : (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ) إلى آخر كلامه لا يصح أن يكون بدلا على اللفظ ولا على المعنى أما على اللفظ فإن زعم أن «يروا» معلقة فتكون كم استفهامية فهي معمولة «لأهلكنا» و «أهلكنا» لا يتسلط على (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) كما تقدم. وأما على المعنى فلا يصح أيضا لأنه قال تقديره : أي على (هذا) (١) المعنى ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير (٢) راجعين إليهم. فكونهم غير كذا ليس كثرة الإهلاك فلا يكون بدل كل من كل وليس بعض الإهلاك فلا يكون (بدل بعض (٣) من كل ولا يكون) بدل اشتمال لأن بدل الاشتمال يصح أن يضاف إلى ما أبدل منه وكذلك بدل بعض من كل وهذا لا يصح هنا لا نقول : ألم يروا انتفاء رجوع كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم وفي بدل الاشتمال نحو : أعجبتني الجارية ملاحتها وسرق (٤) زيد ثوبه يصح أعجبتني ملاحة الجارية وسرق ثوب زيد.
الرابع : أن يكون أنهم بدلا من موضع «كم أهلكنا» والتقدير ألم يروا أنهم إليهم قاله أبو البقاء(٥) ورده أبو حيان بأن «كم أهلكنا» ليس بمعمول (٦) «ليروا». قال شهاب الدين : وقد تقدم أنها معمولة لها على معنى أنه معلقة (٧) لها.
الخامس : وهو قول الفراء : أن يكون «يروا» عاملا في الجملتين من غير (٨) إبدال ولم يبين كيفية العمل وقوله الجملتين يجوز لأن «أنهم» ليس بجملة لتأويله بالمفرد إلا أنه مشتمل على مسند ومسند إليه.
السادس : (أن) (٩) «أنّهم» معمول لفعل محذوف دل عليه السّياق والمعنى تقديره : قضينا وحكمنا أنّهم إليهم لا يرجعون ويدل على صحة هذا قول (١٠) ابن عباس والحسن إنّهم بكسر الهمزة على الاستئناف (١١) والاستئناف قطع لهذه الجملة عما قبلها. فهما
__________________
(١) سقط من (ب).
(٢) وانظر : البحر ٧ / ٣٣٣.
(٣) ما بين القوسين سقط من «ب».
(٤) التصحيح من «ب» والبحر المحيط وفي «أ» شرق.
(٥) التبيان ١٠٨١.
(٦) البحر المحيط ٧ / ٣٣٣ بالمعنى.
(٧) الدر المصون ٤ / ٥١١.
(٨) قال في المعاني ٢ / ٣٧٦ : «وكم في موضع نصب من مكانين : أحدهما : أن توقع «يروا» على «كم» وهي قراءة عبد الله أو لم يروا من أهلكنا. فهذا وجه والآخر أن توقع أهلكنا على كم وتجعله استفهاما كما تقول : علمت كم ضربك غلامك وقال : وقوله : «أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ» فتحت ألفها لأن المعنى ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون.
(٩) سقط من «ب».
(١٠) في «ب» قراءة وهو الأقرب. وهذا الرأي السادس قاله أبو حيان في البحر ٧ / ٣٣٤.
(١١) من الشواذ وانظر المعاني للفراء ٢ / ٣٧٦ ومختصر ابن خالويه ١٢٥ والتبيان ١٠٨١ والكشاف ٣ / ٣٢١.