التّرجيع (١) ، وقيل : التسبيح بلغة الحبشة (٢) ، وقال القتيبيّ (٣) : أصله من التأويب في السير وهو أن يسير النهار كلّه ، وينزل ليلا كأنه قال : ادأبي النّهار كلّه بالتسبيح معه (٤) ، وقال وهب : نوحي معه (٥) ، وقيل : سيري معه (٦) ، والتضعيف يحتمل أن يكون للتكثير ، واختار أبو حيان أن يكون للتعدي قال : لأنهم فسّروه برجع مع التسبيح (٧) ، ولا دليل فيه لأنه دليل معنى (٨).
وقرأ ابن عباس والحسن وقتادة وابن أبي إسحاق : أوبي بضم الهمزة أمرا من آب يؤوب أي ارجع معه بالتسبيح (٩).
قوله : «والطير» العامة على نصبه وفيه أوجه :
أحدها : أنه عطف على محل جبال لأنه منصوب تقديرا (١٠).
الثاني : أنه مفعول معه قاله الزجاج (١١). ورد عليه بأن قبله لفظ «معه» ولا يقتضي العامل أكثر من مفعول معه واحد إلا بالبدل أو العطف لا يقال : جاء زيد مع بكر مع عمرو (١٢). قال شهاب الدين : وخلافهم في تقصّيه (١٣) حالين يقتضي مجيئه هنا (١٤).
الثالث : أنه عطف على «فضلا» ، قاله الكسائي (١٥) ، ولا بدّ من حذف مضاف تقديره آتيناه فضلا وتسبيح الطير.
__________________
(١) المراجع السابقة.
(٢) البحر ٧ / ٢٦٢ والجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٢٦٥.
(٣) هو ابن قتيبة وقد عرفت به آنفا.
(٤) ٣٥٢ وقاله أيضا في تأويل المشكل ٨٤ واللسان آب.
(٥) القرطبي ١٤ / ٢٦٤.
(٦) معالم التنزيل ٥ / ٣٨٣.
(٧) البحر ٧ / ٢٦٢.
(٨) الدر المصون ١٤ / ٤١٦ والعبرة بالتعدي باللفظ.
(٩) مختصر ابن خالويه ١٢١ وبدون نسبة في معاني القرآن للفراء ٢ / ٣٥٥ وانظر أيضا القرطبي ١٤ / ٢٦٥.
(١٠) قال بذلك أبو البقاء في التبيان ١٠٦٤ ومكي في مشكل الإعراب ٢ / ٢٠٣ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٧٥ والفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٥٥ وأبو جعفر النحاس في إعراب القرآن ٣ / ٣٣٤ نقلا عن سيبويه وأبو حيان في البحر ٧ / ٢٦٣ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٤٣ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٨١ والقرطبي في الجامع ١٤ / ٢٦٦.
(١١) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٢٤٣.
(١٢) هذا رأي واعتراض أبي حيان على أبي إسحاق الزجاج فيما نقله عنه المؤلف فقد قال في البحر ٧ / ٢٦٣ : وهذا لا يجوز لأن قبله «مَعَهُ» ولا يقتضي الفعل اثنين من المفعول معه الخ ...
(١٣) في «ب» نصبه وكلتا الكلمتين غير متباعدتين.
(١٤) اتفقوا على أنه إذا كان العامل يقتضي المشاركة بلفظ التفاعل فيجوز أن يعمل في الحالين كتخاصم زيد قائما وعمرو قاعدا وألا يدل على المشاركة ففيه خلاف فذهب أبو علي : إلى أنه معمول لما قبله الذي مثله ، وذهب أبو الفتح إلى أنه صفة له. وذهب أبو إسحاق الزجاج إلى أن الثاني صفة للأول. وعلى ذلك فهو من تمام المعمول الأول فلم يعمل الفعل في الحالين. وقد عبر أبو حيان عن رأيه بأن العامل في المعمولين واحد وهو الفعل لأن مجموعهما معا هو الحال لا أحدهما. انظر : البحر ٧ / ٢٦٣ والهمع ١ / ٢٣٧ و ٢٣٨ وشرح الكافية للعلامة الرضي ١ / ٢٠٨ و ٢٠٩ وانظر رأي شهاب الدين في الدر ٤ / ٤١٦.
(١٥) إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٣٣٤ والبحر ٧ / ٢٦٣ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٠٤ والقرطبي ١٤ / ٢٦٦.