«تفرقوا أيادي سبا» (١) فنزلت طوائف منهم الحجاز فمنهم خزاعة نزلوا بظاهر مكة ومنهم الأوس والخزرج نزلوا بيثرب فكانوا أول من سكنها ثم نزلت عندهم ثلاث قبائل من اليهود بنو قينقاع وبنو قريظة والنّضير فخالفوا الأوس والخزرج وأقاموا عندهم ونزلت طوائف أخر منهم الشام وهم الذين تنصروا فيما بعد وهم غسّان وعاملة ولخم وجذام وتنوخ وتغلب وغيرهم ، و «سبأ» يجمع هذه القبائل كلها. والجمهور على أن جميع العرب ينقسمون (٢) إلى قسمين قحطانية وعدنانيّة ، فالقحطانية شعبان سبأ وحضرموت والعدنانيّة شعبان ربيعة ومضر وأما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم نسبها إلى قحطان وبعضهم إلى عدنان ، قيل : إن قحطان أول من قيل له : أنعم صباحا ، وأبيت اللّعن قال بعضهم : إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما (الصلاة و) (٣) السلام وليس بصحيح فإن إسماعيل نشأ بين جرهم بمكة وكانوا عربا. والصحيح أن العرب العاربة كانوا قبل إسماعيل منهم عاد وثمود وطسم وجديس وأهم وجرهم والعماليق يقال : إن «أهم» كان ملكا يقال إنه أول من سقّف البيوت بالخشب المنشور وكانت الفرس تسميه آدم الأصغر وبنوه قبيلة ، يقال لها : وبار هلكوا بالرمل انثال عليهم فأهلكهم وطمّ (مناهلهم) (٤) وفي ذلك يقول بعض الشعراء :
٤١٢٨ ـ وكرّ دهر على وبار |
|
فهلكت عنوة وبار (٥) |
__________________
(١) قال في اللسان : «وقالوا تفرّقوا أيادي سبا. فبنوه وليس بتخفيف عن «سبأ» لأن صورة تحقيقه ليست على ذلك وإنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم ، قال : من صادر أو وارد أيدي سبا ، وقال كثير :
أيادي سبا يا عزّ ما كنت بعدكم |
|
فلم يحل للعينين بعدك منزل |
وضربت العرب بهم المثل في الفرقة ، لأنه لما أذهب الله عنهم جنتهم وغرق مكانهم تبدّدوا في البلاد».
اللسان : «س ب أ» ١٩٠٨ و ١٩٠٩ وانظر كذلك التهذيب سبأ. ومعنى شذر مذر : تفرقوا وذهبوا أي ذهبوا في كل وجه. ولا يقال ذلك في الإقبال ، وذهبت غنمك شذر مذر وشذر ومذر كذلك ، وفي حديث عائشة : أن عمر ـ رضي الله عنه ـ شرّد الشرك شذر مذر أي فرقه وبذّره في كل وجه ، ويروى بكسر الشين والميم وفتحهما. اللسان : «ش ذ ر» ٢٢٢٠.
(٢) في «ب» يقسمون.
(٣) زيادة من «ب».
(٤) سقط من «ب» كذلك.
(٥) البيت من مخلع البسيط للأعشى ميمون بن قيس. وجيء به تدليلا على أن قبيلة تدعى «وبار» قد هلكت بفعل الطبيعة وتلك القبيلة هي بنو «أهم» وأتباعه. والبيت في معجم ما استعجم للبكري ٣ / ١٣٦٦ و «وبار» كلمة مبنية على الكسر ومنهم من يعربه وهي لغة تميم وهذا البيت يشبه تماما قوله :
إذا قالت حذام فصدّقوها |
|
فإنّ القول ما قالت حذام |
وقد ورد البيت مضبوط القافية بالرفع غير أن الكلمة التي في آخر السطر الأول مضبوطة بالكسر بناء وانظر : المقضب ٣ / ٥٠ والتصريح ٢ / ٢٢٥ ، والهمع ١ / ٢٦ والأشموني ٣ / ٢٦٩ ، وشذور الذهب ١٣٥ ، والكتاب ٣ / ٢٧٩ وابن الشجري ٢ / ١١٥ وشرح المفصل لابن يعيش ٤ / ٦٤ واللسان : «وب ر» ٤٧٥٣ وديوانه (٥٣) مؤسسة الرسالة / محمد محمد حسين بلفظ «ومرّ دهر» بدون : وكرّ. وقبل البيت :
ألم تروا إرما وعادا |
|
أودى بها اللّيل والنّهار |