عنهم صناعة إنما أخبر عنهم معنى وإلا فقد أخبر عن (حُسْنَ مَآبٍ) بأنه لهم (١) ، وجعل الحوفي العامل مقدرا أي يدخلونها مفتحة (٢).
قوله : «الأبواب» في ارتفاعها وجهان :
أشهرهما عند الناس : أنها مرتفعة باسم المفعول (٣) كقوله : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣]. واعترض على هذا بأن «مفتّحة» إما حال ، وإما نعت «لجنّات». وعلى التقديرين فلا رابط. وأجيب بوجهين :
أحدهما : قول البصريين وهو أن ثمّ خبرا مقدرا تقديره الأبواب منها.
والثاني : أن («أل») (٤) قامت مقام الضمير ، إذ الأصل أبوابها ، وهو قول الكوفيين (٥). وتقدم تحقيق هذا. والوجهان جاريان في قوله : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤١].
الثاني : أنها مرتفعة على البدل من الضمير في مفتحة العائد على جنات. وهو قول الفارسي (٦). لما رأى خلوّها من الرابط لفظا ادّعى ذلك. واعترض على هذا بأن هذا من بدل البعض أو الاشتمال وكلاهما لا بدّ فيهما من ضمير فيضطر إلى تقديره كما تقدم. ورجح بعضهم الأول بأن فيه إضمارا واحدا وفي هذا إضماران (٧) وتبعه الزمخشري فقال «والأبواب» بدل من الضمير في «مفتحة» أي مفتحة هي الأبواب كقولك : «ضرب زيد اليد والرّجل» وهو من بدل الاشتمال (٨).
فقوله : «بدل الاشتمال» إنما يعني به الأبواب لأن الأبواب قد يقال : إنها ليست بعض الجنات ، وأما ضرب زيد اليد والرجل فهو بعض من كل ليس إلا (٩).
وقرأ زيد بن علي وأبو حيوة جنات عدن مفتحة (١٠) برفعها إما على أنها جملة من
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٦١٥.
(٢) وانظر : البحر المحيط لأبي حيان ٤٠٥ / ٧.
(٣) ذكره ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣١٦ وأبو البقاء في التبيان ١١٠٣ والقرطبي في الجامع ١٥ / ٢١٩ والسمين في الدر ٤ / ٦١٥ والفراء في المعاني ٢ / ٤٠٨.
(٤) سقط من ب.
(٥) انظر : الدر المصون ٤ / ٦١٥ ، ٦١٦ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٥٢ والتبيان ١١٠٣.
(٦) قال في المقتصد ٥٤٤ : «وأما قوله تعالى : «جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً» الآية فليس على مفتحة لهم الأبواب بدل من الضمير الذي في «مفتحة» لأنك تقول : فتحت الجنان إذا فتحت أبوابها». وانظر أيضا الإغفال ١١٩٩ ، ١٢٠٠.
(٧) هذا رأي أبي حيان في البحر ٧ / ٤٠٥.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٧٨.
(٩) قاله أبو حيان في البحر ٧ / ٤٠٥ والسمين في الدر ٤ / ٦١٦.
(١٠) ذكرها ابن خالويه في المختصر ١٣٠ وهي من الشواذ كما ذكرها أبو حيان في البحر ٧ / ٤٠٥ والسمين في الدر ٤ / ٦١٦ والزمخشري ٣ / ٣٧٨.