الضمير في «شكله» يعود على ما تقدم أي من شكل المذوق؟ والجواب أن الضمير عائد على المبتدأ وإنما أفرد وذكر لأن المعنى من شكل ما ذكرنا. ذكر هذا التأويل أبو البقاء (١). وقد منع مكّيّ ذلك لأجل الخلوّ من الضمير. وجوابه (٢) ما ذكرنا.
الثالث : أن يكون «من شكله» نعتا «لآخر» و «أزواج» خبر المبتدأ أي و «آخر من شكله المذوق أزواج».
الرابع (٣) : أن يكون «من شكله» نعتا أيضا ، و «أزواج» فاعل به والضمير عائد على «آخر» بالتأويل المتقدم وعلى هذا فيرتفع «آخر» على الابتداء ، والخبر مقدر أي ولهم أنواع أخر استقر من شكلها أزواج.
الخامس (٤) : أن يكون الخبر مقدرا كما تقدم أي ولهم آخر و «من شكله» و «أزواج» صفتان لآخر ، وقرأ العامة «من شكله» بفتح الشين ، وقرأ مجاهد (٥) بكسرها.
وهما لغتان بمعنى المثل والضرب. تقول : هذا على شكله أي مثله وضربه وأما الشّكل بمعنى الغنج(٦) فبالكسر لا غير. قاله الزمخشري (٧). وقرأ الباقون وآخر بفتح الهمزة وبعدها ألف بصيغة أفعل التفضيل والإعراب فيه كما تقدم ، والضمير في أحد الأوجه يعود عليه من غير تأويل لأنه مفرد إلا أن في أحد الأوجه يلزم الإخبار عن المفرد بالجمع أو وصف المفرد بالجمع لأن من جملة الأوجه المتقدمة أن يكون «أزواج» خبرا عن «آخر» أو نعت له كما تقدم. وعنه جوابان :
أحدهما : أن التقدير وعذاب آخر أو مذوق آخر (٨) ، وهو ضروب ودرجات فكان في قوة الجمع أو يجعل كل جزء من ذلك الآخر مثل الكل وسماه باسمه وهو شائع كثير نحو غليظ الحواجب وشابت مفارقه.
__________________
(١) قال وذكر الضمير لأن المعنى من شكل ما ذكرناه التبيان المرجع السابق.
(٢) قال في الكشف ٢ / ٢٣٣ : «وقوله : من شكله يدل على التوحيد ولو كان على الجمع لقال من شكلها». وقال في المشكل ٢ / ٢٥٣ : لأنك إذا رفعت الأزواج بالظرف لم يكن في الظرف ضمير وهو صفة والصفة لا بد لها من الضمير يعود على الموصوف فهو رفع بالظرف والظرف لا يرفع فاعلين.
(٣) هو والثالث الذي قبله ذكرا في البيان ٢ / ٣١٨ والتبيان ١١٠٥ وقد استضعف هذا الوجه ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣١٨ قال : «لأنك إذا رفعت الأزواج بالظرف لم يكن في الظرف ضمير وهو صفة والصفة لا بد لها من ضمير يعود على الموصوف لأن الظرف لا يرفع فاعلين».
(٤) التبيان المرجع السابق وانظر هذا كله في الدر المصون ٤ / ٦١٩.
(٥) انظر : البحر ٧ / ٤٠٦ ولم ينسبها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٧٩ وانظر : الدر المصون ٤ / ٦٢٠.
(٦) وهو الدّل دلال المرأة وتدللها والغنج والغيج واحد. اللسان : «غ ن ج» ٣٣٠٥.
(٧) الكشاف ٣ / ٣٧٩.
(٨) المعاني للفراء ٢ / ٤١١ قال : «وإذا كان الاسم فعلا جاز أن ينعت بالاثنين والكثير كقولك في الكلام عذاب فلان ضروب شتى» وانظر : الدر المصون ٤ / ٦٢٠.