أقول : الروايات في ذلك كثيرة ، وهي نوع من الشفاعة الحسنة الّتي تقدّم البحث عنها.
وفي الكافي عن علي بن الحسين عليهماالسلام : «انّ الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب ويذكره بخير ، قالوا : نعم الأخ أنت لأخيك ، تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير ، قد أعطاك الله تعالى مثلي ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ولك الفضل عليه ، وإذا سمعوه يذكر أخاه المؤمن بسوء ويدعو عليه ، قالوا : بئس الأخ أنت لأخيك ، كف أيها المستر على ذنوبه وأربع على نفسك واحمد الله الّذي ستر عليك ، واعلم أنّ الله أعلم بعبده منك».
أقول : هذه الرواية لا تنافي قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [سورة الانعام ، الآية : ١٦٠] ، لأنّها في مقام بيان استجابة دعاء المؤمن لأخيه المؤمن بظهر الغيب ، وإنّ للداعي مثلي ذلك ، منحا منه جلّت عظمته له ؛ للترغيب أو للجزاء ، أو يكون من قبيل الأمر الوضعي للدعاء له.
وَرَبَع كمنَعَ بمعنى وقف واقتصر ، ومنه المثل المشهور : «حدّث امرأة حديثين فإن أبت فأربع» ، أي : حدّثها حديثين فإن أبت فامسك ولا تتعب نفسك ، وقيل : كرّر القول عليها أربع مرات ، فهو مثل يضرب للبليد الّذي لا يفهم إلّا بالتكرار.
وفي تفسير علي بن إبراهيم : «في قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) ، أي : مقتدرا».
أقول : والروايات في تفسير الآية المباركة بذلك كثيرة ، فعن نافع أنّه سأل ابن عباس عن قوله تعالى : (مُقِيتاً) ، قال : «قادرا مقتدرا».
وفي الدرّ المنثور عن مجاهد في قوله تعالى : (مُقِيتاً) ، قال : «شهيدا حسيبا حفيظا».
أقول : الرواية لا تنافي ما تقدّم ؛ لأنّها من باب ذكر المصاديق للقدرة.