واحد منهم مائة جلدة ، ثمّ قدموا به على أمّه. فقالت : والله ، لا أحلك من وثاقك حتّى تكفر بالذي آمنت به ، ثمّ تركوه موثقا في النفس وأعطاهم بعض الّذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن زيد وقال : يا عياش ، والله إن كان الّذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها ، فغضب عياش من مقالته وقال : والله ، لا ألقاك خاليا إلّا قتلتك ، ثمّ إنّ عياشا أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمدينة ، ثمّ إنّ الحارث بن زيد أسلم وهاجر بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة وليس عياش يومئذ حاضرا ولم يشعر بإسلامه ، فبينا هو يسير بظهر قباء إذ لقى الحارث بن زيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت؟! إنّه قد أسلم ، فرجع عياش الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإنّي لم أشعر بإسلامه حين قتلته ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام بقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً).
أقول : الاطم (بالضم) بناء مرتفع ، وفي الحديث : «إنّ بلال كان يؤذّن على أطم» ، وآطام المدينة أبنيتها المرتفعة كالحصون والجبال. والظاهر أنّ عياشا لم يسلم مرّتين ، وما أعطاهم من كفره لم يكن عن عقيدة وإنّما كان لدفع الظلم عن نفسه ، وذلك لا يضرّ بإسلامه الّذي كان عن عقيدة.
وكيف كان ، فالرواية من باب التطبيق كما مرّ.
وفي التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن رجاله عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ العتق يجوز له المولود إلّا في كفّارة القتل ، فإنّ الله تعالى يقول : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) ، يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث».
أقول : المراد من الرواية الرقبة الّتي ولدت من غير مسلم ، فلا بد فيها من البلوغ والإيمان حتّى يطلق عليها «مؤمنة» ، فلا يجزى الصبي ، وأمّا الرقبة المولودة بين المؤمنين أو بين مؤمن وكافر ، فلا خلاف أنّه يحكم بالإيمان وإن كان صبيا ، وعلى ذلك يحمل قول العبد الصالح عليهالسلام : «تعرف المؤمنة على الفطرة» ، فلا تنافي بين